للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: خبر الواحد فى الحد مقبول خلافًا للكرخى والبصرى لنا ما تقدَّم، قالوا: "ادرؤوا الحدود بالشبهات"، والاحتمال شبهة قلنا لا شبهة كالشهادة وظاهر الكتاب).

أقول: خبر الواحد فيما يوجب الحد الأكثر على أنه مقبول خلافًا للكرخى والبصرى، لنا ما تقدَّم من أنه عدل جازم فى حكم ظنى فوجب قبوله، قالوا: قال عليه الصلاة والسلام: "ادرؤوا الحدود بالشبهات" (*)، واحتمال الكذب شبهة فوجب سقوط الحدِّ به.

والجواب: لا شبهة مع الحديث الصحيح، كما لا شبهة مع الشهادة، وظاهر الكتاب وإن قام الاحتمال فى الشهادة بالكذب، وفى ظاهر الكتاب بأن يراد به غير ظاهره.

قال: (مسألة: إذا حمل الصحابى ما رواه على أحد محمليه فالظاهر حمله عليه بقرينة فإن حمله على غير ظاهره فالأكثر على الظهور وفيه قال الشافعى: كيف أترك الحديث بقول من لو عاصرته لحججته، فلو كان نصًا فيتعين نسخه عنده وفى العمل نظر وإن عمل بخلاف خبره أكثر الأمة فالعمل بالخبر إلا إجماع المدينة).

أقول: إذا روى الصحابى خبرًا مجملًا كالقرء وحمله على أحد محمليه فالظاهر حمله عليه لأن الظاهر أنه لم يحمله عليه إلا لقرينة معاينة وإن كان ظاهرًا فى معنى وحمله على غير ظاهره فالأكثر على أنه يعتبر ظهوره فيحمل على ظاهره وإليه ذهب الشافعى وفيه قال: كيف أترك الحديث بقول من لو عاصرته لحاججته أى الصحابى لأن فعله ليس بحجة وقيل يحمل على تأويله وأما لو كان نصًا فيتعين أنه قد نسخ عنده بناسخ اطلع هو عليه ورآه ناسخًا، وفى العمل نظر، فيمكن أن يقال يعمل بالخبر إذ ربما ظن ناسخًا ولم يكن وأن يقال يعمل بالناسخ لأن خطأه فيه بعيد، هذا إذا عمل هو بخلاف خبره فإن عمل بخلافه أكثر الأمة فالعمل بالخبر متعين إلا أن يكون فيه إجماع أهل المدينة فالعمل بإجماعهم لما مر أنه حجة.


(*) أخرجه الحاكم فى المستدرك (٤/ ٤٢٦) (ح ٨١٦٣)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والبيهقى فى الكبرى (٨/ ٣١)، وأبو يعلى (١١/ ٤٩٤) (ح ٦٦١٨)، والطبرانى فى الكبير (٩/ ٣٤١) (ح ٩٦٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>