للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: المرسل قول غير الصحابى: قال -صلى اللَّه عليه وسلم-، وثالثها قال الشافعى رضى اللَّه عنه إن أسنده غيره أو أرسله وشيوخهما مختلفة أو عضده قول صحابى أو أكثر العلماء أو عرف أنه لا يرسل إلا عن عدل قبل، ورابعها إن كان من أئمة النقل قبل وإلا فلا وهو المختار لنا أن إرسال الأئمة من التابعين كان مشهورًا مقبولًا ولم ينكره أحد كابن المسيب والشعبى والنخعى والحسن وغيرهم، فإن قيل يلزم أن يكون المخالف خارقًا، قلنا خرق الإجماع الاستدلالى أو الظنى لا يقدح وأيضًا لو لم يكن عدلًا عنده لكان مدلسًا فى الحديث، قالوا: لو قبل لقبل مع الشك لأنه لو سئل لجاز أن لا يعدل قلنا فى غير الأئمة. قالوا: لو قبل لقبل فى عصرنا؟ قلنا لغلبة الخلاف فيه، أما إن كان من أئمة النقل ولا ريبة تمنع قبل. قالوا: لا يكون للإسناد معنى. قلنا: فائدته فى أئمة النقل نقاوتهم ورفع الخلاف القائل مطلقًا تمسكوا بمراسيل التابعين ولا يفيدهم تعميمًا. قالوا: إرسال العدل يدل على تعديله. قلنا: نقطع بأن الجاهل يرسل ولا يدرى من وراءه، وقد أخذ على الشافعى، فقيل إن أسند فالعمل بالمسند وهو وارد وإن لم يسند فقد انضم غير مقبول إلى مثله، ولا يرد بأن الظن قد يحصل أو يقوى بالانضمام، والمنقطع أن يكون بينهما رجل وفيه نظر والموقوف أن يكون قول صحابى أو من دونه).

أقول: ما ذكرناه كله حكم المسند، وأما المرسل فهو أن يقول عدل ليس بصحابى: قال -صلى اللَّه عليه وسلم- كذا، وفيه مذاهب: أحدها: يقبل، وثانيها: لا يقبل، وثالثها، وهو قول الشافعى: أنه لا يقبل إلا بأحد أمورٍ خمسة: أن يسنده غيره أو يرسله آخر، وعلم أن شيوخهما مختلفة، أو أن يعضده قول صحابى أو أن يعضده قول أكثر أهل العلم، أو أن يعلم من حاله أنه لا يرسل إلا بروايته عن عدل، ورابعها: أنه إن كان الراوى من أئمة نقل الحديث قبل، وإلا لا يقبل وهذا هو المختار. لنا إرسال الأئمة من التابعين كان مشهورًا مقبولًا فيما بينهم ولم ينكره أحد، فكان إجماعًا، وذلك كإرسال سعيد بن المسيب والشعبى وإبراهيم النخعى والحسن البصرى، وغيرهم، فإن قيل لو كان كما ذكرتم لكان ذلك إجماعًا، فكان المخالف له خارقًا للإجماع فيكفر أو يخطأ قطعًا، واللازم منتف بالاتفاق.

والجواب: كون المخالف خارقًا مكفرًا أو مخطأ قطعًا إنما هو فى الإجماع المعلوم ضرورة، وأما الثابت بالاستدلال أو بالأدلة الظنية فلا، ولنا أيضًا أنه لو لم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>