قال:(قال القاضى والإمام: القول المقتضى طاعة المأمور بفعل المأمور به ورد بأن المأمور مشتق منه وأن الطاعة موافقة الأمر فيجئ الدور فيهما، وقيل خبر عن الثواب على الفعل وقيل عن استحقاق الثواب، وردّ بأن الخبر يستلزم الصدق أو الكذب والأمر يأباهما).
أقول: وأما المزيف من حد الأمر فذكر أصحابنا فيه وجوهًا، والمعتزلة وجوهًا، أما أصحابنا فقال القاضى: الأمر وهو القول المقتضى طاعة المأمور بفعل المأمور به وارتضاه الجمهور واعترض عليه بأنه مشتمل على الدور، رأى هو تعريف له بما لا يعرف إلا به من وجهين:
أحدهما: أن المأمور وهو واقع فى الحد مرتين مشتق من الأمر فتتوقف معرفته على معرفة الأمر لأن معنى المشتق منه موجود فى المشتق مع زيادة فيكون تعريف الأمر به دورًا.
وثانيهما: أن الطاعة موافقة الأمر والمضاف من حيث هو مضاف لا يعرف إلا بمعرفة المضاف إليه فإذا قد ظهر أنه يجئ الدور فيهما أى بحسب لفظ المأمور والطاعة، واعلم أنه يمكن دفع الدور بأنا إذا عرّفنا الأمر من حيث هو كلام كفانا ذلك فى أن نعلم المخاطب به وهو الأمور وما يتضمنه وهو المأمور به وفعل مضمونه وهو طاعته ولا يتوقف على معرفة حقيقة الأمر المطلوب معرفتها فلا دور، أو نقول تميز الأمر غير تصور حقيقته ثم تميزه كاف فى معرفة هذه الأمور والمطلوب تصوّر حقيقته وقد مر مثله، وقال قوم أنه خبر عن الثواب على الفعل وآخرون أنه خبر عن استحقاق الثواب على الفعل لئلا يلزم الخلف فى خبره عند العفو واعترض عليهما بأن الخبر يستلزم إما الصدق أو الكذب إذ لا يخلو عن أحدهما قطعًا، والأمر ينافيهما فإنه لا يكون صدقًا ولا كذبًا أبدًا، وتنافى اللازمين دليل تنافى الملزومين وكيف يجعل أحد المتنافيين جنسًا للآخر.
قوله:(واعلم) يعنى أن معرفة المأمور والمأمور به والطاعة لا تتوقف على معرفة الأمر بحقيقته بل على معرفته بوجه ما أو على تميزه وحصوله دون معرفته على ما مر فى بحث الخبر ولا يخفى ما فيه.
قوله:(لئلا يلزم الخلف) ذكر الآمدى أن من أصحابنا من قال الأمر هو الخبر بالثواب على الفعل تارة والعقاب على الترك تارة. ويرد عليه أنه يستلزم الثواب