قال: (الندب: "إذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم" فرده إلى مشيئتنا ورد بأنه إنما رده إلى استطاعتنا وهو معنى الوجوب، مطلق الطلب يثبت الرجحان ولا دليل مقيد فوجب جعله للمشترك دفعًا للاشتراك قلنا بل يثبت التقييد ثم فيه إثبات اللغة بلوازم الماهيات الاشتراك يثبت الإطلاق والأصل الحقيقة، القاضى: لو ثبت لثبت بدليل إلى آخره، قلنا بالاستقراءات المتقدمة الإذن المشترك كمطلق الطلب).
أقول: هذه شبهة المخالفين، فالقائلون بأنه للندب، قالوا: قال -صلى اللَّه عليه وسلم- "إذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم" فرده إلى مشيئتنا وهو معنى الندب.
الجواب: لا نسلم أنه رد إلى مشيئتنا بل إلى استطاعتنا وهو معنى الوجوب.
والقائلون بمطلق الطلب قالوا: ثبت الرجحان بالضرورة من اللغة وجعله لأحدهما بخصوصه تقييد من غير دليل، فلا يصار إليه فوجب جعله للقدر المشترك بينهما دفعًا للاشتراك والمجاز. الجواب من وجهين:
أحدهما: لا نسلم أن جعله لأحدهما تقييد بلا دليل ثبت بأدلتنا على الوجوب.
وثانيهما: أنه إثبات اللغة بلوازم الماهيات، وذلك أنكم جعلتم الرجحان لازمًا للوجوب والندب فجعلتم باعتباره صيغة الأمر لهما مع احتمال أن تكون للمقيد بأحدهما وللمشترك بينهما.
القائلون بأنه مشترك بينهما قالوا: ثبت الإطلاق عليهما، والأصل فى الإطلاق الحقيقة فيكون حقيقة فيهما وهو الاشتراك.
الجواب: قد عرف مرارًا وهو أن المجاز أولى من الاشتراك فلم يعده القاضى ومذهبه التوقف، قال لو ثبت لثبت بدليل واللازم منتف لأن الدليل إما العقل ولا مدخل له وإما النقل وهو إما الآحاد ولا يفيد العلم أو التواتر وهو يوجب استواء طبقات الباحثين فيه فكان لا يختلف فيه.
الجواب: منع الحصر بل ههنا قسم آخر وهو ثبوته بالأدلة الاستقرائية التى قد تقدمت ومرجعها تتبع مظان استعمال اللفظ والأمارات الدالة على المقصود به عند الإطلاق.
القائلون بأنه للقدر المشترك بين الثلاثة وهو الإذن قالوا: كما قيل فى مطلق الطلب، وهو أنه ثبت الإذن بالضرورة والتقييد لا دليل عليه فوجب جعله للقدر المشترك.