علم أن المأمور متلبس بضده العام لا بالفعل نفسه والعلم بتلبسه بالضد مستلزم لتعقل الضد، وتوجيه الجواب: أن جواز الذهول عن الضد العام أيضًا ضرورى نجده من أنفسنا وما ذكرتم لا يدفعه لأن الأمر طلب للفعل المستقبل وهو لا ينافى التلبس فى الحال حتى يفتقر إلى العلم بتلبس المأمور بالضد العام ولو قدر أن الطلب يتوقف على عدم تلبس المأمور بالفعل وعلى كفه عنه فالكف أمر واضح يعلم بالمشاهدة من غير توقف على العلم بتلبس المأمور بشئ من أضداد الفعل فلا يستلزم تعقل الضد هذا إذا أريد بالضد العام أحد الأضداد مثلًا أما لو أريد الكف عن الفعل وتركه بمعنى أن الطالب لا بد أن يعلم أن المأمور غير متلبس بالكف عن الفعل وهذا مستلزم لتعقل الكف الذى هو الضد العام فمعنى قوله فالكف واضح أنه لا خفاء ولا نزاع فى أن الأمر بالشئ نهى عن تركه والكف عنه ولا معنى للاحتجاج على ذلك إذ كون الأمر بالقيام نهيًا عن ترك القيام أظهر من أن لا يخفى فظهر أن الاعتراض منع لمقدمة الدليل والجواب دفع له لا كلام على السند وليس الاعتراض معارضة لا فى الدليل لنفيه المقدمة دون الدعوى ولا فى المقدمة لأنه لا معنى للمعارضة فى المقدمة التى يدعى المستدل كونها ضرورية والشارحون فسروا الضد العام بترك المأمور به والكف عنه وجعلوا الاعتراض منعًا لانتفاء اللازم ولما ذكر فى بيانه فالجواز منعًا لمقدمات المسند ومعنى قوله ولو سلم فالكف واضح أنه لو سلم أن الضد العام معلوم للآمر فالكف واضح أنه ليس بمعلوم، ثم اعترض بعضهم بأن أمر الإيجاب لا يتحقق بدون الكف عن الضد العام لأنه طلب الفعل مع المنع عن تركه وهذا خبط يظهر بأدنى تأمل.
المصنف:(اختيار الإمام) أى إمام الحرمين لا الرازى.
المصنف:(أن الأمر بشئ معين) أى الطلب القائم بالنفس الذى هو عند أهل السنة نوع من الكلام النفسى وعند المعتزلة الإرادة أما الأمر اللفظى فليس عين النهى قطعًا ولا يتضمنه على الأصح، وقيل يتضمنه على معنًى إذا قيل اسكن مثلًا فكأنه قيل لا تتحرك أيضا لأنه لا يتحقق السكون مع التحرك، قال الكمال: فائدة الخلاف استحقاق العقاب بترك المأمور به فقط أو به وبفعل الضد حيث عصى أمرًا ونهيًا. اهـ. قال شارحه بعد قوله فائدة الخلاف ما نصه فى كون الأمر بالشئ نهيًا