قال:(مسألة: الإجزاء، الامتثال فالإتيان بالمأمور به على وجهه يحققه اتفاقًا وقيل الإجزاء إسقاط القضاء فيستلزمه، وقال عبد الجبار: لا يستلزمه، لنا لو لم يستلزم لم يعلم امتثال وأيضًا فإن القضاء استدراك لما فات من الأداء فيكون تحصيلًا للحاصل، قالوا لو كان لكان المصلى بظن الطهارة آثمًا أو ساقطًا عنه القضاء إذا تبين الحدث، وأجيب بالسقوط للخلاف وبأن الواجب مثله أمر آخر عند التبين وإتمام الحج الفاسد واضح).
أقول: الإتيان بالمأمور به على وجهه أى كما أمر به الشارع هل يوجب الإجزاء؟ أعلم أن الإجزاء يفسر بتفسيرين: أحدهما: حصول الامتثال به، والآخر: سقوط القضاء به، فإن فسر بحصول الامتثال به، فلا شك أن إتيان المأمور به على وجهه يحققه وذلك متفق عليه، فإن معنى الامتثال وحقيقته ذلك وإن فسر بسقوط القضاء فقد اختلف فيه والمختار أنه يستلزمه وقال القاضى عبد الجبار: لا يستلزمه، قال فى المنتهى: إن أراد أنه لا يمتنع أن يراد أمر بعده بمثله فمسلم ويرجع النزاع فى تسميته قضاء، وإن أراد أنه لا يدل على سقوطه فساقط، لنا لو لم يستلزم سقوطه لم يعلم امتثال أبدًا واللازم منتف، أما الملازمة فلأنه حينئذٍ يجوز أن يأتى بالمأمور به ولا يسقط عنه بل يجب عليه فعله مرة أخرى قضاء وكذلك القضاء إذا فعله لم يسقطه كذلك، وأما انتفاء اللإزم فمعلوم قطعًا واتفاقًا وأيضًا إن القضاء عبارة عن استدراك ما قد فات من مصلحة الأداء والفرض أنه قد جاء بالمأمور به على وجهه ولم يفت شئ وحصل المطلوب بتمامه فلو أتى به استدراكًا لكان تحصيل الحاصل.
قالوا: أولًا: لو كان مسقطًا للقضاء لكان المصلى بظن الطهارة إذا تبين كونه مُحدثًا إما آثمًا أو ساقطًا عنه القضاء واللازم منتف، أما الأولى فلأنه إن أمر بصلاة بيقين الطهارة ولم يفعل وإن آثمًا وإن أمر بصلاة بظن الطهارة فقد أتى بها على وجهها، والمفروض أنه يسقط القضاء فكان ساقطًا عنه القضاء، وأما الثانية فبالاتفاق.
الجواب: أما أولًا فيمنع انتفاء اللازم بل نقول بأحد شقيه وهو سقوط القضاء عنه فلا يصلى مثلها؛ لأن المسألة مختلف فيها. قلنا: المنع إلى أن يثبت.
وأما ثانيًا: فلأن المأمور به صلاة بظن الطهارة وإذا تبين خلافه وجب مثله بأمر