للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: الأمر بالأمر بالشئ ليس أمرًا بالشئ. لنا لو كان لكان أمر عبدك بكذا تعديًا ولكان يناقض قولك للعبد لا تفعل. قالوا فهم ذلك من أمر اللَّه تعالى رسوله، ومن قول الملك لوزيره: قل لفلان افعل، قلنا للعلم بأنه مبلغ).

أقول: أمر الآمر المكلف بأن يأمر غيره بشئ ليس أمرًا من الآمر لذلك الغير بذلك الشئ مثاله قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مروهم بالصلاة لسبع" ولا آمر للصبى من قبل الشارع بالصلاة. لنا لو كان الأمر بالأمر أمرًا لكان قولك للغير: مر عبدك أن يتجر تعديًا لأنه أمر لعبد الغير ولكان ذلك مناقضًا لقولك للعبد: لا تتجر لأنه أمر له ونهى واللازم منتف للقطع والاتفاق. قالوا: فهم ذلك من أمر اللَّه رسوله أن يأمرنا، ومن قول الملك لوزيره: قل لفلان افعل كذا.

الجواب: أن الفهم ثم لقرينة تدل عليه وهو العلم بأنه مبلغ لأمر اللَّه وأمر الملك وليس الغرض أمرهما بالأمر من قبل نفسه الذى هو محل النزاع.

قوله: (بالأمر بالشئ) سواء كان بلفظ الأمر كما فى قوله عليه السلام: "مروهم بالصلاة. . " أو بصيغته كما فى قول الملك لوزيره: قل لفلان افعل كذا وقد سبق إلى بعض الأوهام أن المراد هو الأول فقط.

قوله: (لأنه أمر لعبد الغير) هذا هو الظاهر ولما صرح فى المنتهى بقوله: مر عبدك بأن يتجر فى مالك، ذهب الشارح العلامة إلى أن أمر غلام الغير بأن يتجر فى مال سيده من غير إجازة من السيد تعد، والظاهر أنه أراد أن الأمر بالظلم ظلم وتعد.

قوله: (ولكان ذلك مناقضًا) لأنه بمنزلة قولك للعبد أنت مأمور بهذا ولست بمأمور وهذا واجب عليك وليس بواجب وما يقال: إن التناقض إنما يلزم لو تساوت الدلالتان وليستا كذلك لاختلافهما منطوقًا ومفهومًا ليس بشئ لأنه لا مدخل لذلك فى لزوم التناقض غاية ما فى الباب أنه يترجح أحدهما بقوة دلالته على أن هذا ليس اختلافًا بالمنطوق والمفهوم بل بالذات وبالواسطة.

قوله: (وليس الغرض أمرهما) أى أمر اللَّه وأمر الملك إضافة إلى الفاعل أو أمر الرسول وأمر الوزير إضافة إلى المفعول بالأمر أى بأن يأمر الرسول أو الوزير من قبل نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>