(قال: اللغة لم يزل العلماء وأجيب بفهمهم شرعًا بما تقدَّم، قالوا الأمر يقتضى الصحة والنهى نقيضه فيقتضى نقيضها، وأجيب بأنه لا يقتضيها لغة، ولو سلم فلا يلزم اختلاف أحكام المقابلات ولو سلم فإنما يلزم أن لا يكون الصحة لا أن يقتضى الفساد النافي لو دل لناقض تصريح الصحة ونهيتك عن الربا لعينه وتملك به يصح وأجيب بالمنع بما سبق).
أقول: هذه حجج المخالفين فالقائلون بأنه يدل على الفساد لغة.
قالوا: أولًا: ما ذكرنا فى دلالته شرعًا وهو قولنا: لم يزل العلماء يستدلون بالنهى على الفساد.
الجواب: أنه يدل على دلالته على الفساد وأما لغة فلا بل ذلك لفهمهم دلالته شرعًا لما تقدَّم من دليلنا على عدم دلالته لغة.
قالوا: ثانيًا: الأمر يقتضى الصحة لما مر والنهى نقيضه والنقيضان مقتضاهما نقيضان فيكون النهى مقتضيًا لنقيض الصحة وهو الفساد.
والجواب: أن الأمر يقتضى الصحة شرعًا لا لغة، ونقول بمثله فى النهى ومرادكم دلالته لغة ومثله ممنوع فى الأمر سلمنا ذلك لكن المتقابلات لا يجب اختلاف أحكامها لجواز الاشتراك فى لازم واحد فضلًا عن تناقض أحكامها سلمنا، لكن نقيض قولنا: يقتضى الصحة أنه لا يقتضى الصحة ولا يلزم منه أن يقتضى الفساد فمن أين يلزم فى النهى أن يقتضى الفساد، نعم يلزم أن لا يقتضى الصحة ونحن نقول به والنافى لدلالته على الفساد مطلقًا لغة وشرعًا قال: لو دل النهى على الفساد لكان مناقضًا للتصريح، بصحة المنهى عنه واللازم منتف لأنه يصح أن تقول: نهيتك عن الربا لعينه ولو فعلت لعاقبتك لكنه يحصل به الملك.
الجواب: منع الملازمة بما سبق أن الظهور لا يمنع التصريح بنقيضه الصارف هو عنه.
قوله:(لما تقدَّم) جعله دليلًا على أنهم إنما فهموا الدلالة بحسب الشرع دون اللغة فجعله إشارة إلى ما سبق من الدليل على عدم الدلالة لغة، والشارحون جعلوه دليلًا على الدلالة شرعًا، ففسروه بما سبق من دليله المعقول، أعنى حديث تساوى الحكمتين أو تفاوتهما.