(قال: القائل يدل على الصحة لو لم يدل لكان المنهى عنه غير الشرعى والشرعى الصحيح كصوم يوم النحر والصلاة فى الأوقات المكروهة، وأجيب بأن الشرعى ليس معناه المعتبر؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دعى الصلاة. . " وللزوم دخول الوضوء وغيره فى مسمى الصلاة. قالوا: لو كان ممتنعًا لم يمنع. وأجيب: بأن المنع للنهى وبالنقض بمثل: {وَلَا تَنْكِحُوا. .}[النساء: ٢٢]، و"دعى الصلاة. . ". قولهم نحمله على اللغوى يوقعهم فى مخالفة أن المتنع لا يمنع ثم هو متعذر فى الحائض).
أقول: إن قومًا ممن قال بأن النهى لا يدل على الفساد لم يقتصر على ذلك حتى قال إنه يدلس على الصحة ونسب ذلك إلى محمد بن الحسن.
قالوا: أولًا: لو لم يدل على الصحة لكان المنهى عنه غير الشرعى واللازم منتف، أما الملازمة فلأن المنهى عنه إذا لم يكن صحيحًا لم يكن شرعًا معتبرًا؛ لأن الشرعى المعتبر هو الصحيح، وأما انتفاء اللازم فلأنا نعلم أن المنهى عنه فى صوم يوم النحر والصلاة فى الأوقات المكروهة إنما هو الصوم والصلاة الشرعيان لا الإمساك والدعاء.
الجواب: أن الشرعى ليس معناه المعتبر شرعًا بل ما يسميه الشارع بذلك الاسم، وهو الصورة المعينة صحت أم لا كما تقول صلاة صحيحة، وصلاة فاسدة، ويدل عليه قوله:"دعى الصلاة أيام أقرائك"، وصلاة الحائض لا تصح اتفاقًا، ثم يلزم أن يكون الوضوء وغيره من شرائط الصلاة داخلًا فى مفهوم الصلاة لأن الصلاة المعتبرة هى المقرونة بالشروط، وذلك باطل بالاتفاق على أنها شرائط الصلاة لا أركانها.
قالوا: ثانيًا: لو لم يكن صحيحًا لكان ممتنعًا عنه، فلا يمنع عنه لأن المنع عن الممتنع لا يفيد.
والجواب: أولًا أنه ممتنع بهذا المنع وإنما المحال منع الممتنع بغير هذا المنع، كما ذكرناه فى تحصيل الحاصل أنه إذا كان للحاصل بهذا التحصيل لم يمتنع. وثانيًا بأنه منقوض بمثل:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ}[النساء: ٢٢]، ولا يدل على الصحة بالإجماع، وكذا قوله:"دعى الصلاة أيام أقرائك" فإن قيل فنحمله ههنا على اللغوى فلا يلزم الصحة، قلنا دليلكم قائم فى اللغوى وهو أنه حينئذ يمتنع منهم اللغوى وقد منعوا عنه فيوقعهم ذلك فى مخالفة ما قالوا من أن الممتنع لا يمنع عنه