للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستدلون بمثل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا. . .} [المائدة: ٣٨]، {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا. . .} [النور: ٢]، {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ. . .} [النساء: ١١]، ومنه احتجاج عمر فى قضية قتال أبى بكر مانعى الزكاة بقوله عليه الصلاة والسلام: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه فإذا قالوها فقد حقنوا منى ماءهم وأموالهم إلا بحقها"، وهو أنه منعه عن القتال واحتج عليه بذلك وقرره وعدل إلى الاحتجاج بقوله إلا بحقها، والزكاة من حقها، فدل أنهما فهما منه العموم فى وجوب القتال قبل أن يقولوا لا إله إلا اللَّه، وعدمه بعده، ومنه احتجاج أبى بكر بقوله: "الأئمة من قريش" وقرره الصحابة ومنه احتجاج أبى بكر بقوله: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث"، وشاع ذلك وذاع ولم ينكره أحد ولولا أن الصيغة للعموم لما كان فيه حجة فى الصور الجزئية لأنك إذا قلت بعض الأئمة من قريش لم يلزم منه أن يكون من غيرهم إمام فكان ينكر الاحتجاج به عادة، واعترض عليه بأن ذلك إنما فهم بالقرائن.

والجواب: أن فتح هذا الباب يؤدى إلى أن لا يثبت للفظ مفهوم ظاهر لجواز أن يفهم بالقرائن فإن الناقلين لها لم ينقلوا نص الواضع بل أخذوا الأكثر من تتبع موارد الاستعمال والتحقيق أن التجويز لا ينافى الظهور وقد يقال فى مثل: {وَالسَّارِقُ} [المائدة: ٣٨]، أنه فهم العموم لترتب الحكم على الوصف المشعر بالعلية، أو بأنه علم أنه التمهيد قاعدة كما رجم ماعزًا فعلم العموم لأنه شارع، وإما لقوله حكمى على الواحد حكمى على الجماعة، وإما لتنقيح المناط وهو إلغاء الخصوصية وعليه فقس، وأيضًا لنا الاتفاق على أنه إذا قال: من دخل دارى فهو حر أو فهى طالق، أنه يعم العبيد والنساء، وأيضًا لنا كثرة الوقائع التى استعمل فيها الصيغ للعموم واستدل بها على العموم مما ذكرناه وما لم نذكره وهى تفيد لمن تتبعها العلم بأنها ظاهرة فى العموم وذلك نحو قول عثمان (رضى اللَّه عنه) لما سمع:

* وكل نعيم لا محالة زائل *

"كذب فإن نعيم أهل الجنة لا يزول"، ونحو: لا إله إلا اللَّه، فإنه يفهم منه نفى جميع ما سوى اللَّه، ونحو اعتراض ابن الزبعرى على قوله: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: ٩٨]، بقوله أليس قد عبدت الملائكة والمسيح؟ ورد قول اليهود ما أنزل اللَّه على بشر من شئ، بقوله: {مَنْ أَنْزَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>