تخلفه عنه لانتفاء الظن مع بقاء سببه، كالغيم الرطب يكون أمارة للمطر ثم يزول ظن المطر بسبب من الأسباب مع بقاء الغيم بحاله.
قوله:(وفيه بحث) وهو أن الممكنات مستندة إلى اللَّه ابتداء والعلم والظن عقيب الدليل والأمارة بخلق اللَّه تعالى من غير تأثير لهما وإيجاب ومعنى استلزام الدليل العلم استعقابه إياه عادة فلا يبعد أن تستلزم الأمارة الظن بهذا المعنى ويتخلف عنها، بناء على أن اللَّه لا يخلقه عقيبها والجواب أن الاستعقاب العادى يمنع التخلف عادة وإن جاز عقلًا حتى لو وقع كان من خوارق العادة، وتخلف الظن عن الإمارة ليس كذلك بخلاف العلم من الدليل.
قوله:(لما كان استمداده من المواضع الثلاثة) يعنى الكلام والعربية والأحكام قيل: عدل عن العلوم الثلاثة إلى هذه العبارة؛ تحاشيًا عن التصريح باستمداد الأصول من الفقه مع كونه أدنى، ولم يعهد فيه تصور الأحكام وقد سبق أنه أن الاستمداد إجمالًا ببيان أنه من أى علم يستمد، والحق أن مبنى العلم قد تبين فى علم أدنى على ما صرح به ابن سينا وأن بيان مفهومات الأحكام وظيفة الفقه لوقوعها محمولات فى مسائله ولذلك سماها الآمدى بالمبادئ الفقهية وليس بحق فإن المبادئ التصورية لعلم حقها أن تبين فيه لا أن تؤخذ من علم آخر وما صرح به من أن المبادئ تبين دى العلم الأعلى كثيرًا وفى الأدنى قليلًا إنما هو فى المبادئ التصديقية المسماة بالأصول الموضوعة كما لا يخفى على من له دربة بصناعة البرهان كيف لا وتلك التصورات إذا ذكرت فى علم آخر لا تكون مسائل منه بل مبادئ تصورية له أيضًا؟ فلو احتيج فى بيانها إلى غيره لزم الدور أو التسلسل وإلا فليس استمداد أحدهما من الآخر أولى من عكسه، فعلم أن الأصول إنما يستمد من الأحكام أنفسها لكونها أجزاء المحمولات مسائله لا من علم الفقه فلهذا السبب عدل عن العلوم إلى المواضع وقال فيما بعد: قد استوفى فى مبادئ هذا العلم من اللغات وما هى مبادئه من الأحكام، وأما قوله: من أى علم يستمد فمحمول على التغليب وإنما سماها الآمدى فى موضع بالمبادئ الفقهية لاشتهارها بالانتساب إليه لا لكونها مأخوذة منه كما يشعر بذلك عبارته فى صدر الأحكام فإن قلت: كما أنه يستمد من تصورات الأحكام كذلك يستمد من تصورات أخر لموضوعات مسائله