قال:(مسألة: إذا خص العام كان مجازًا فى الباقى الحنابلة حقيقة، الرازى إن كان غير منحصر أبو الحسين إن خص بما لا يستقل من شرط أو صفة أو استثناء، القاضى: إن خص بشرط أو استثناء، عبد الجبار: إن خص بشرط أو صفة، وقيل: إن خص بدليل لفظى، الإمام حقيقة فى تناوله مجاز فى الاقتصار عليه، لنا لو كان حقيقة لكان مشتركًا لأن الفرض أنه حقيقة فى الاستغراق، وأيضًا الخصوص بقرينة كسائر المجاز).
أقول: العلم إذا خصص وأريد به الباقى فهو مجاز أو حقيقة، الجمهور على أنه مجاز، وقالت الحنابلة: حقيقة، وقال أبو بكر الرازى: حقيقة إن كان الباقى غير منحصر، أى له كثرة يعسر العلم بقدرها، وإلا فمجاز، وقال أبو الحسين البصرى: حقيقة إن خصص بمخصص لا يستقل بنفسه من شرط أو صفة أو استثناء أو غاية وإن خصص بمستقل من سمع أو عاقل فمجاز، وقال القاضى أبو بكر: حقيقة إن خصص بشرط أو استثناء لا صفة وغيرها، وقال القاضى عبد الجبار: حقيقة إن خصص بشرط أو صفة لا استثناء وغيره، وقيل حقيقة إن خصص بدليل لفظى اتصل أو انفصل.
وقال الإمام: حقيقة فى تناوله مجاز فى الاقتصار عليه لنا أنه لو كان حقيقة فى الباقى كما فى الكل لكان مشتركًا بينهما واللازم منتف، إما الملازمة فلأنه ثبت للعموم حقيقة والبعض مخالف له فى المعقول والمفروض أنه حقيقة فيه فيكون حقيقة فى معنيين مختلفين وهو معنى المشترك، وإما بطلان اللازم فلأن الفرض وقع فى مثله وأيضًا لو كان حقيقة لكان كل مجاز حقيقة واللازم ظاهر البطلان، بيان الملازمة أنه إنما يحكم بكونه حقيقة لأنه ظاهر فى الخصوص مع القرينة وإن كان ظاهرًا بدونها فى العموم، وكل لفظ بالنسبة إلى معناه المجازى كذلك وقد يقال إرادة الاستغراق باقية إذ المراد بقول القائل أكرم بنى تميم الطوال عند الخصم أكرم بنى تميم من قد علمت من صفتهم أنهم الطوال سواء عمهم الطول أو خص بعضهم ولذلك يقول وأما القصار منهم فلا تكرمهم ويرجع الضمير إلى بنى تميم لا إلى الطوال منهم وأيضًا فلم يرد الباقى بوضع واستعمال ثان بل بالوضع والاستعمال الأول وإنما طرأ عليه عدم إرادة المخرج بخلاف المجاز وبه يعرف الجواب عن الثانى.