للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: المقتضى وهو ما احتمل أحد تقديرات لاستقامة الكلام لا عموم له فى الجميع أما إذا تعين أحدها بدليل كان كظهوره ويمثل بقوله عليه الصلاة والسلام: "رفع عن أمتى الخطأ والنسيان" لنا لو أضمر الجميع لأضمر مع الاستغناء، قالوا: أقرب مجاز إليهما باعتبار رفع المنسوب إليهما عموم أحكامهما، أجيب بأن باب غير الإضمار فى المجاز أكثر فكان أولى فيتعارضان فيسلم الدليل، قالوا: العرف فى مثل ليس للبلد سلطان نفى الصفات، قلنا قياس فى العرف قالوا: يتعين الجميع لبطلان التحكم إن عين ولزوم الإجمال إن أبهم، قلنا: ويلزم من التعميم زيادة الإضمار، وتكثير مخالفة الدليل فكان الإجمال أقرب).

أقول: المقتضى بصيغة الفاعل ما لا يستقيم كلامًا إلا بتقدير وذلك التقدير هو المقتضى بصيغة اسم المفعول فالمقتضى إذا كان ثمة تقديرات متعددة يستقيم الكلام بكل واحد منها فلا عموم له فى مقتضاه فلا يقدر الجميع بل يقدر واحد بدليل، فإن لم يوجد دليل معين لأحدهما كان مجملًا بينهما وأما المقتضى إذا تعين بدليل فهو كظهوره إذ لا فرق بين الملفوظ والمقدر فى إفادة المعنى فإن كان ظاهره عامًا فهو عام وإلا فلا فقد اختار أن له عمومًا وذلك أيضًا مما اختلف فيه وقد ذكر مثاله قوله عليه الصلاة والسلام: "رفع عن أمتى الخطأ والنسيان" ولا يستقيم بلا تقدير لوقوعهما من الأمة وثمة تقديرات متعددة بحسب كل حكم دنيوى كالعقوبة والضمان وغيرهما وأخروى كالحساب والعقاب وغيرهما، لنا لو أضمر الجميع لأضمر مع الاستغناء واللازم باطل، أما الملازمة فلأن الحاجة تندفع بالبعض دون الآخر فكان الآخر مستغنى عنه، وأما انتفاء اللازم فلأن الإضمار لما كان للضرورة وجب أن يقدر بقدرها.

قالوا: أولًا: أقرب مجاز إلى الخطأ والنسيان باعتبار رفع المنسوب إليهما المقتضى ارتفاع ذاتهما إنما هو عموم أحكامهما فإن نفى جميع الأحكام يجعلهما كالعدم فكأن الذات قد ارتفعت بخلاف نفى البعض فوجب الحمل عليه للاتفاق على أنه إذا تعذرت الحقيقة وتعذر المجاز حمل على الأقرب وذلك معنى إضمار الجميع.

الجواب: أن باب غير الإضمار فى المجاز أكثر من باب الإضمار فوجب المصير إليه، وعدم إضمار شئ من المقدرات فيقع التعارض بين دليلكم المثبت للجميع ودليلنا النافى للجميع ويبقى دليلنا المثبت للبعض سالمًا فيجب العمل به، قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>