قال: (الفعل المثبت لا يكون عامًا فى أقسامه مثل صلى داخل الكعبة فلا يعم الفرض والنفل ومثل صلى بعد غيبوبة الشفق فلا يعم الشفقين إلا على رأى وكان يجمع بين الصلاتين فى السفر لا يعم وقتيهما، وأما تكرر الفعل فمستفاد من قول الراوى كان يجمع كقولهم كان حاتم يكرم الضيف وأما دخول أمته فبدليل خارجى من قول مثل:"صلوا كما رأيتمونى أصلى"، و"خذوا عنى مناسككم" أو قرينة كوقوعه بعد إجمال أو إطلاق أو عموم أو بقوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ}[الأحزاب: ٢١]، أو بالقياس، قالوا: قد عمم نحو سها فسجد، وأما أنا فأفيض الماء وغيره قلنا بما ذكرناه لابالصيغة).
أقول: الفعل المثبت لا عموم له وله صور:
إحداها: أنه لا يعم أقسامه وجهاته، فإذا قال الراوى إنه صلى داخل الكعبة لم يعم صلاة الفرض، والنفل فلا تعيين إلا بدليل وإذا قال صلى بعد غيبوبة الشفق فلا يعم الصلاة بعد الشفقين أعنى الأحمر والأبيض إلا أن يجعل المشترك عامًا فى مفهوميه، وإذا قال كان يجمع بين الصلاتين بين الظهر والعصر أو المغرب والعشاء فلا يعم جمعهما بالتقديم فى وقت الأولى والتأخير فى وقت الثانية.
ثانيتها: عمومه فى الزمان ولا يدل عليه، وربما توهم ذلك من قوله كان يفعل فإنه يفهم منه التكرار كما إذا قيل كان حاتم يكرم الضيف وهو ليس مما ذكرناه فى شئ لأنه لم يفهم من الفعل وهو يجمع بل من قول الراوى وهو كان حتى لو قال جمع زال التوهم.
وثالثتها: عمومه للأمة، ولا يدل عليه أيضًا إلا بدليل خارجى، إما دليل فى ذلك الفعل خاصة كقوله:"صلوا كما رأيتمونى أصلى"، و"خذوا عنى مناسككم"، وإما دليل هو قرينة كوقوعه بعد إجمال أو إطلاق أو عموم فيفهم أنه بيان له فيتبعه فى العموم وعدمه كما تقدَّم وإما دليل فى الأفعال عمومًا نحو:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١]، وإما دليل هو قياس للأمة عليه بجامع يعم عليته وكل ذلك خارج عن مفهوم اللفظ، فقد ثبتا أن الفعل المثبت لا عموم له بوجه من الوجوه.
قالوا: قد عمم نحو سها فسجد وفعلت أنا ورسول اللَّه فاغتسلنا، وأما أنا فأفيض الماء وغيره مما حكى من فعله فى جميع الخلق وشاع ولم ينكره أحد.
الجواب: أن التعميم إنما كان بأحد ما ذكرنا إلا بصيغة الفعل وفيه وقع النزاع.