للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: إذا علق حكمًا على علة عم بالقياس شرعًا لا بالصيغة، وقال القاضى لا يعم وقيل بالصيغة كما لو قال حرمت المسكر لكونه مسكرًا لنا ظاهر فى استقلال العلة فوجب الاتباع ولو كان بالصيغة لكان قول القائل أعتقت غانمًا لسواده يقتضى عتق سودان عبيد ولا قائل به القاضى يحتمل الجزئية قلنا لا يترك الظاهر للاحتمال الآخر حرمت الخمر لإسكارها مثل حرمت المسكر لإسكاره وأجيب بالمنع).

أقول: إذا علق الشارع حكمًا على علة هل يعم حتى يوجد الحكم فى جميع صور وجود العلة وإن عم فعمومه له بالشرع قياسًا أو باللغة صيغة الظاهر وعمومه وأنه بالشرع قياسًا، وقال القاضى: أبو بكر لا يعم وقيل يعم بالصيغة، مثاله قوله عليه الصلاة والسلام فى قتلى أحد: "زملوهم بكلومهم ودمائهم فإنهم يحشرون وأوداجهم تشخب دمًا"، فإنه يعم كل شهيد وكما لو قال: حرمت الخمر لكونه مسكرًا فإنه يعم كل مسكر لنا أما عمومه شرعًا بالقياس فلأنه ثبت التعبد بالقياس وما ذكرناه ظاهر فى استقلال العلة بالعلية فوجب اتباعها وإثبات الحكم حيث تثبت وهو المراد، وأما عدم عمومه صيغة فلأن العموم لو كان بالصيغة لكان قول القائل: أعتقت غانمًا لسواده يقتضى عتق جميع السودان من عبيده لأنه بمثابة أعتقت كل أسود واللازم باطل إذ لا قائل به احتج القاضى بأنه يحتمل أن يكون جزء العلة والجزء الآخر خصوصية المحل حتى تكون العلة شهادة قتلى أحد أو إسكار الخمر فلا يعم.

الجواب: أن هذا مجرد احتمال فلا يترك به الظاهر والتعليل ظاهر فى الاستقلال كسائر العلل المنصوصة.

احتج الآخر وهو القائل أنه يعم صيغة بأنه لا فرق بين قولنا حرمت الخمر لإسكاره وقولنا حرمت السكر لإسكاره عرفًا، والمفهوم منهما واحد، والثانى يعم كل مسكر فيجب أن يعم الأول أيضًا.

الجواب: منع عدم الفرق لأن الأول خاص بالخمر صيغة والثانى عام لكل مسكر وإن أراد أنه لا فرق فى الحكم لم ينفعه لأن ذلك بالشرع ولا يلزم كونه بالصيغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>