للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: قالت الحنفية: مثل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد فى عهده" معناه بكافر فيقتضى العموم إلا بدليل هو الصحيح لنا لو لم يقدر شئ لامتنع قتله مطلقًا وهو باطل فيجب الأول للقرينة، قالوا: لو كان كذلك لكان بكافر الأول للحربى فقط فيفسد المعنى ولكان {وَبُعُولَتُهُنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، للرجعية والبائن لأنه ضمير المطلقات قلنا خص الثانى بالدليل، قالوا: لو كان لكان نحو ضربت زيدًا يوم الجمعة وعمرًا أى يوم الجمعة، وأجيب بالتزامه وبالفرق بأن ضرب عمرو فى غير يوم الجمعة لا يمتنع).

أقول: كلام المصنف أن الحنيفة قالوا -فى مثل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد فى عهده" معناه بكافر- فيقتضى العموم ولا يختص بالحربى اختصاص كافر الأول به لأنه هو الذى لا يقتل به المسلم عنده فيكون مقتضاه أن لا يقتل الذمى بالذمى والحربى إلا بدليل منفصل يخصه بالحربى، وهو الصحيح عند المصنف، لنا أنه إما أن لا يقدر شئ أو يقدر فإن لم يقدر شئ امتنع قتل ذى العهد مطلقًا حتى بالمسلم، وأنه باطل اتفاقًا، وإن قدر وجب تقدير الذى سبق ذكره وهو الكافر نفسه أو ضميره لقيام القرينة وهو سبقه دون غيره إذ لا قرينة أصلًا وإذا قدر كان عامًا صيغة بالاتفاق.

قالوا: أولًا: لو كان كذلك أى بكافر عامًا لكان بكافر الأول للحربى لأنه هو الذى لا يقتل به المسلم عندكم فيلزم فساد المعنى إذ يصير معناه: لا يقتل مسلم بكافر حربى ويقتل بالذمى ولا ذو عهد فى عهده بكافر لا بحربى ولا بذمى وفساده ظاهر لأن ذلك لا يصلح مقصود للشارع لما فيه من حط مرتبة المسلم عن الذمى فوجب تخصيص الثانى وحمل الكلام عليه دفعًا لهذا الفساد، وأيضًا فيلزم أن يكون بعولتهن فى قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، الضمير فيه للرجعية والبائن جميعًا لأنه ضمير الطلقات فى قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨]، وهو عام للبائن والرجعية ولذلك أوجب به العدة عليهن واللازم باطل لأن البائن ليس بعلها أحق بردها إجماعًا.

الجواب: أن الثانى فيهما عام وقد خص بدليل منفصل فلا يلزم فى كافر، الثانى أن يراد به الأعم من الذمى والحربى ليفيد المعنى، وإنما يكون كذلك لو بقى على عمومه ولا فى {وَبعُولَتُهُنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، أن يرجع إلى البائن والرجعية فيثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>