قالوا: أولًا: المعروف من أهل اللسان تغليبهم المذكر على المؤنث عند اجتماعهما باتفاق ولو كان ألف امرأة مع رجل واحد، قال تعالى:{وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا}[البقرة: ٥٨]، والمراد بنو إسرائيل رجالهم ونساؤهم، وقال:{اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}[البقرة: ٣٦]، والمراد آدم وحواء وإبليس، وهذا إنما يتصوّر بدخول النساء فيه.
الجواب: أنه إنما يدل على أن الإطلاق صحيح إذا قصد الجميع ونحن نقول به لكنه يكون مجازًا ولا يلزم أن يكون ظاهرًا وفيه النزاع فإن قيل: الأصل فى الإطلاق الحقيقة فلا يصار إلى المجاز إلا لدليل، قلنا: لا نزاع فى أنه للرجال وحدهم حقيقة ولو كان لهم وللنساء معًا حقيقة أيضًا لزم الاشتراك، وإلا فالمجاز وقد علمت أن المجاز أولى من الاشتراك وقد تقدَّم ذلك.
قالوا: ثانيًا: لو لم يدخل النساء فى هذه الصيغ لما شاركن فى الأحكام لثبوت أكثرها بهذه الصيغ واللازم منتف بالاتفاق كما فى أحكام الصلاة والصوم والزكاة وقد ثبت بنحو: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة: ٤٣]، و {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}[البقرة: ١٨٣].
والجواب: منع الملازمة، نعم يلزم أن لا يشاركن فى الأحكام بهذه الصيغ وما المانع أن يشاركن بدليل خارج والأمر كذلك ولذلك لم يدخلن فى الجهاد والجمعة وغيرها لعدم الدليل الخارجى فيها.
قالوا: ثالثًا: لو أوصى لرجال ونساء بمائة درهم ثم قال: أوصيت لهم بكذا دخلت النساء بغير قرينة وهو معنى الحقيقة فيكون حقيقة فى الرجال والنساء ظاهرًا فيهما، وهو المطلوب.
والجواب: منع المبادرة ثمة بلا قرينة فإن الوصية المتقدمة قرينة دالة على إرادتهما.
قوله:(صيغة المذكر) يعنى أن الصيغة التى يصح إطلاقها على الذكور خاصة قد تكون موضوعة بحسب المادة للذكور خاصة مثل الرجال ولا نزاع فى أنها لا تتناول النساء، وقد تكون موضوعة لما هو أعم مثل الناس ومن وما ولا نزاع فى أنها