للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاشية لا يقال فعلى هذا يلزم أن يكون المنطق أعلى من الكلام والإلهى لأنه يبين مبادئ كثيرة لهما لا يبين مثلها فى الأدنى كما لا يخفى لأنا نقول: هو لا يبين مبادئهما أصلًا بل يبين ما يعرض لمبادئهما التصورية والتصديقية المصطلح عليها من الطرق الموصلة إلى مقاصدها ومثله يستحق أن يسمى وسيلة وآلة فظهر أن الاستمداد كله ليس من مبادئ العلم بالمعنى المشهور. اهـ. وقد وضحه الخلخالى فقال قوله: لا يبين مثلها فى الأدنى دفع لما يقال: إن كون المنطق مبينًا لمبادئهما لا يوجب كونه أعلى منهما فإنه قد تبين مبادئ الأعلى فى الأدنى ووجه الدفع أن هذا إنما يكون فى مبادئ قليلة نادرة وما ذكرنا ليس من هذا القبيل وقوله: لا يبين مبادئهما أصلًا وجهه أن مبادئهما إنما هى الأدلة والمعرفات المخصوصة المعينة وظاهر أن هذه ليست مباحث مبينة فى المنطق بل المباحث المبينة فيه هى ما يعرض لهذه التعريفات والأدلة المعينة التى هى المبادئ المصطلح عليها وهى المبادئ بالمعنى الأخص الذى هو جزء من العلم أعنى الطرق الموصلة إلى مقاصدها توصلًا قريبًا، وقوله: فظهر أن الاستمداد كله أى ما يستمد منه ليس كله بالمعنى المشهور وهو ما يتوقف عليه ذاتًا فاستمداد الكلام والإلهى من للمنطق لا يوجب كون مسائله مبادئ لهما بالمعنى المشهور ليستلزم كونه أعلى. اهـ. وهذا الذى ذكره فى حاشية الحاشية باعتبار إطلاق الكلام على ما لا يشمل مباحث النظر كما هو أحد إطلاقيه فلا ينافى أن المنطق جزء من الكلام بإطلاق آخر كما أنه لا منافاة بين ما ذكره المحشى هنا من قوله وليست جزءًا من العلوم وبين ما ذكره فى شرح المواقف من أن المنطق جزء من الكلام لأن المنطق فى نفسه ليس جزءًا من الكلام لكن لما كان علم الكلام رئيس العلوم الدينية ومقدمًا عليها لم يرض علماء الإسلام أن يكونوا محتاجين فيه إلى علم آخر أصلًا سواء كان شرعيًا أو لا فأخذوا موضوعه على وجه يتناول العقائد والمباحث النظرية التى يتوقف عليها العقائد فجاء علم الكلام كافلًا لإثبات العقائد الدينية المتعلقة بالصانع تعالى وصفاته وغير ذلك من المباحث النظرية التى يتوقف عليها مواد أدلة العقائد وصورها ومواد معرفاتها وصورها وكانت مباحث النظر من الكلام.

قوله: (لما كان رئيس العلوم الشرعية) أى لأنه متكفل بإثبات الصانع تعالى وصفاته وإثبات النبوة ولولا ذلك لا يتصور علم التفسير والحديث والفقه وأصوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>