للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (مسألة الاستثناء من الإثبات نفى وبالعكس خلافًا لأبى حنيفة لنا النقل وأيضًا لو لم يكن لم يكن لا إله إلا اللَّه توحيدًا).

أقول: الاستثناء من الإثبات نفى اتفاقًا وبالعكس أى الاستثناء من النفى إثبات خلافًا لأبى حنيفة رضى اللَّه عنه، لنا النقل من أهل العربية أنه كذلك وهو المعتمد فى إثبات مدلولات الألفاظ، ولنا أيضًا لو لم يكن كذلك لم يكن لا إله إلا اللَّه يتم به التوحيد واللازم باطل بالإجماع بيان الملازمة أنه إنما يتم بإثبات الإلهية للَّه تعالى ونفيها عما سواه والمفروض أنه لا يفيد الإثبات له وإنما يفيد النفى فقط فلو تكلم بها دهرى منكر لوجود الصانع وهى لا تفيد إلا نفى الغير لما نافى معتقده ولم يعلم بها إسلامه وهو المراد، واعلم أن الحنفية لا يفرقون بين النفى والإثبات من جهة الدلالة الوضعية ولا يرون شيحًا منهما يدل الاستثناء منه على المخالفة فيما يفيده من النسبة الخارجية بل فى النسبة النفسية فإن كان ذلك مدلول الجملة فالمخالفة فيها عدم الحكم النفسى وهم يقولون به فيهما، وإن كان مدلوله النسبة الخارجية فالاستثناء إعلام بعدم التعرض له والسكوت عنه من غير حكم بالمخالفة فيهما، نعم بين الإثبات والنفى فرق من جهة الحكم وذلك أن المسكوت عن إثبات الحكم يستلزم نفى الحكم بالبراءة الأصلية بخلاف السكوت عن النفى إذ لا مقتضى معه للإثبات فهم يحملون كلام أهل العربية على نفى الحكم النفسى وكلمة التوحيد على عرف الشارع.

قوله: (الاستثناء من الإثبات نفى) المشهور من كلام الشافعية أن هذا وفاق وإنما الخلاف فى كونه من النفى إثباتًا بل هو تكلم بالباقى بعد الثنيا ومعناه أنه أخرج المستثنى وحكم على الباقى من غير حكم على المستثنى ففى مثل على عشرة إلا ثلاثة لا تثبت الثلاثة بحكم البراءة الأصلية، وعدم الدلالة على الثبوت لا بسبب دلالة اللفظ على عدم الثبوت وفى مثل ليس على إلا سبعة لا يثبت شئ بحسب دلالة اللفظ لغة وإنما يثبت بحسب العرف وطريق الإشارة كما فى كلمة التوحيد حيث يحصل بها الإيمان من المشرك ومن القائل بنفى الصانع بحسب عرف الشرع ويؤوّلون كلام العربية أنه من الإثبات نفى بأنه مجاز تعبيرًا عن عدم الحكم بالحكم بالعدم لكونه لازمًا لكن إنكار دلالة ما قائم إلا زيد على ثبوت القيام لزيد يكاد

<<  <  ج: ص:  >  >>