قال:(وهو عقلى كالحياة للعلم وشرعى كالطهارة ولغوى مثل أنت طالق إن دخلت الدار وهو فى السببية أغلب وإنما استعمل فى الشرط الذى لم يبق للمسبب سواه فلذلك يخرج به ما لولاه لدخل لغة مثل أكرم بنى تميم إن دخلوا فيقصره الشرط على الداخلين).
أقول: الشرط ينقسم إلى عقلى وشرعى ولغوى أما العقلى فكالحياة للعلم فإن العقل هو الذى يحكم بأن العلم لا يوجد إلا بحياة، وأما الشرعى فكالطهارة للصلاة فإن الشرع هو الحاكم بذلك وأما اللغوى فمثل قولنا إن دخلت الدار، من قولنا أنت طالق إن دخلت الدار فإن أهل اللغة وضعوا هذا التركيب ليدل على أن ما دخلت عليه إن هو الشرط والآخر المعلق به هو الجزاء هذا وإن الشرط اللغوى صار استعماله فى السببية غالبًا يقال إن دخلت الدار فأنت طالق والمراد أن الدخول سبب الطلاق يستلزم وجوده وجوده لا مجرد كون عدمه مستلزمًا لعدمه من غير سببية ويستعمل فى شرط شبيه بالسبب من حيث إنه يستتبع الوجود وهو الشرط الذى لم يبق للمسبب أمر يتوقف عليه سواه فإذا وجد ذلك الشرط فقد وجد الأسباب والشروط كلها فيوجد المشروط فإذا قيل إن طلعت الشمس فالبيت مضئ فهم منه أنه لا تتوقف إضاءته إلا على طلوعها ولذلك أى ولأنه يستعمل فيما لم يبق للمسبب سواه يخرج ما لولاه لدخل لغة، فإذا قلت أكرم بنى تميم إن دخلوا فلولا الشرط لعم وجوب الإكرام جميعهم مطلقًا لوجود المقتضى بأسره فإذا ذكر الشرط علم أنه بقى شرط لولاه لكان المقتضى تمامًا فاستتبع مقتضاه فيقتضى الوجود لو وجد الشرط والعدم لولاه فيقصر الإكرام على الداخلين الدار ويخرج غير الداخلين إياها ولولاه لما خرجوا وكانوا داخلين فى حكم وجوب الإكرام.
قوله:(لدخل لغة) أى بحسب اللغة ودلالة اللفظ وإن لم يدخل فى الواقع وبحكم العقل والشرع كما يقال حجوا إن استطعتم وإنما بالغ المحقق فى توضيح المقام لأن جمهور الشارحين زعموا أن قوله فلذلك إشارة إلى كون الشرط مخصصًا أو عبارة عما يستلزم نفيه نفى أمر ولا تعلق له بقوله، وإنما استعمل.
المصنف:(وهو فى السببية أغلب) أى فيستلزم وجوده لوجود المسبب لا نفيه