للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وقولهم فى مثل أكرمك إن دخلت الدار ما تقدَّم خبر والجزاء محذوف مراعاة لتقدمه كالاستفهام والقسم فإن عنوا ليس بجزاء فى اللفظ فمسلم وإن عنوا ولا فى المعنى فعناد، والحق أنه لما كان جملة روعيت الشائبتان).

أقول: قياس الشرط أن يكون صدر الجملتين مقدمًا عليهما لأن الشرط قسم من الكلام فحقه أن يشعر به من أول الأمر ليعلم نوعه إجمالًا ثم شخصه تفصيلًا كما فعلوا ذلك فى الاستفهام والتمنى والقسم والنفى ومن ثمة قيل فى نحو: أكرمك إن دخلت الدار إن ما تقدَّم من الجزاء خبر لا جزاء، والجزاء محذوف تقديره أكرمك إن دخلت الدار أكرمك لدلالة الخبر وهو أكرمك الأول عليه وإنما صير إليه مراعاة لتقدمه الواجب كما وجب فى الاستفهام والقسم وقولهم هذا إن عنوا به أنه ليس بجزاء فى اللفظ فمسلم وإلا لجزم وإن عنوا به أنه ليس بجزاء لا فى اللفظ ولا فى المعنى فعناد إذ نعلم قطعًا أنه لا يدل إلا على إكرام مقيد بقيد دخول الدار، ولذلك لو لم يدخل ولم يكرم لم يعدّ كاذبًا، والتعليق ثانيًا لا ينافى الإطلاق أوّلًا نعم إنه يدل على التقييد ثانيًا كان المراد بالمطلق كان هو المقيد وهو المراد بقولنا هو جزاء معنى والحق أنه لما كان المقدم جملة مستقلة عومل معاملة المستقل لفظًا فلم يجزم وأريد به الجزاء معنى فقدر الجزاء دالًا على أنه مراد تعليقه بالشرط وإن استقل لفظًا فروعيت فيه الشائبتان، فلذلك قال بكل واحد منهما قائل، وجاز الإطلاق بالاعتبارين، والتحقيق ما ذكرنا من التفصيل.

قوله: (ما تقدّم من الجزاء) أى كل جزاء قدم على الشرط فهو إخبار بما فيه من النسبة لا جزاء لما بعده من الشرط لكنه دل على الجزاء المحذوف وهذا إشارة إلى أن الخبر فى مثل إن دخلت الدار أكرمك هو الجملة الشرطية بكمالها لا مجرد الجزاء.

قوله: (وإنما صير إليه) إشعار بأن مراعاة مفعول له لا خبر للمبتدأ الذى هو قولهم على ما فى بعض الشروح وإنما الخبر هو قوله فإن عنوا.

قوله: (وإلا لجزم) أى شائعًا مستفيضًا على ما هو المختار عند كون الشرط ماضيًا حتى إن صاحب الكشاف جعل اتفاق القراء على ترك الجزم بمنزلة الممتنع حيث استدل برفع تودّ فى قوله تعالى: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ} [آل عمران: ٣٠]. على أن

<<  <  ج: ص:  >  >>