قال: (مسألة: يجوز تخصيص القرآن بخبر الواحد، وقال به الأئمة الأربعة وبالمتواتر اتفاقًا، ابن أبان: إن كان خص بقطعى، الكرخى: إن كان خص بمنفصل، القاضى: بالوقف، لنا أنهم خصوا {وَأُحِلَّ لَكُمْ}[النساء: ٢٤]، بقوله عليه الصلاة والسلام:"ولا تنكح المرأة على عمنها ولا على خالتها"، و {يُوصِيكُمُ اللَّهُ}[النساء: ١١]، بقوله عليه الصلاة والسلام:"لا يرث القاتل ولا الكافر من المسلم ولا المسلم من الكافر"، و"نحن معاشر الأنبياء لا نورث"، وأورد إن كانوا أجمعوا فالمخصص الإجماع وإلا فلا دليل، قلنا أجمعوا على التخصيص بها، قالوا: رد عمر رضى اللَّه عنه حديث فاطمة بنت قيس أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يجعل لها سكنى ولا نفقة لما كان مخصصًا لقوله:{أَسْكِنُوهُنَّ}[الطلاق: ٦]، قلنا لتردده فى صدقها ولذلك قال:(كيف نترك كتاب ربنا يقول امرأة لا ندرى أصدقت أم كذبت)، قالوا: العام قطعى والخبر ظنى، وزاد ابن أبان والكرخى لم يضعف بالتجوّز، قلنا التخصيص فى الدلالة وهى ظنية فالجمع أولى، القاضى كلاهما قطعى من وجه فوجب التوقف، قلنا الجمع أولى).
أقول: يجوز تخصيص القرآن بالخبر المتواتر اتفاقًا وأما بخبر الواحد، فالحق: جوازه وبه قال الأئمة الأربعة، قال ابن أبان: إنما يجوز إن كان العام خاص من قبل بدليل قطعى متصلًا كان أو منفصلًا، وقال الكرخى: إنما يجوز إن كان العام قد خص من قبل بدليل منفصل سواء كان قاطعًا أو ظنيًا، والقاضى أبو بكر يقول بالوقف بمعنى لا أدرى أيجوز أم لا، لنا أن الصحابة خصوا القرآن بخبر الواحد من غير نكير فكان إجماعًا، منه قوله تعالى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤]، ويدخل فيه نكاح المرأة على عمتها وخالتها، فخص بقوله عليه الصلاة والسلام:"ولا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها"، ومنه قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}[النساء: ١١]، فإنه يوجب الميراث للولد عمومًا، وقد خص بقوله عليه الصلاة والسلام:"نحن معاشر الأنبياء لا نورث" اعترض بأنهم إن أجمعوا على خروج ما ذكرتم من عموم النص فالمخصص هو الإجماع لا السنة، وإلا فلا نسلم التخصيص إذ لا دليل عليه فإنه لا يتصوّر فيه دليل سوى الإجماع والفرض عدمه.
الجواب: أنهم أجمعوا على التخصيص بأخبار الآحاد حيث لم ينكروه لما وقع فلا يكون التخصيص بالإجماع بل بخبر الواحد ودليله الإجماع.