للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: العام يخص بالمفهوم إن قيل به، ومثل فى الأنعام زكاة فى الغنم السائمة زكاة للجمع بين الدليلين، فإن قيل العام أقوى فلا معارضة قلنا الجمع أولى كغيره).

أقول: من قال بالعموم وبالمفهوم جوز تخصيص العام بالمفهوم، كما جوزه بالمنطوق سواء فيه مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة وذكر فى مثاله من مفهوم المخالفة لأنه أضعف أن يقول فى الأنعام زكاة عامًا للسائمة والمعلوفة ثم يقول فى الغنم السائمة زكاة فيدل بالمفهوم على أنه ليس فى المعلوفة زكاة فيخصص الأول بالسائمة ويخرج منه المعلوفة، مثاله من الأحكام تخصيص قوله: "خلق الماء طهورًا لا ينجسه إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه" بمفهوم قوله: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا"، لنا أنه دليل شرعى عارض مثله، فكان العمل به جمعًا بين الدليلين فوجب، فإن قيل لا نسلم المعارضة فإن المنطوق أقوى والأضعف ينمحى مع الأقوى فلا يعارضه، قلنا الجمع بين الدليلين أولى من إبطال أحدهما، وإن كان أضعف كغيره من المخصصات فإنا نعمل بها جمعًا بين الأدلة ولا نشترط التساوى فى القوة كما يخصص الكتاب والمتواتر بخبر الواحد.

قوله: (وذكره فى مثاله) إشارة إلى أن قوله فى المتن ومثل على لفظة الفعل لا، كما زعم العلامة من أن الواو فى ومثل مشعر بأن مثال مفهوم الموافقة كان فى الأصل فسقط عن قلم الناسخ هكذا مثل كل من دخل الدار فاضربه، إن دخل زيد فلا تقل له أف، ومثل فى الأنعام زكاة فى الغنم السائمة زكاة، وإنما اقتصر فى المتن على مثال مفهوم المخالفة؛ لأنه أضعف فإذا صلح ناسخًا فمفهوم الموافقة بطريق الأولى لأنه متفق عليه يسميه بعضهم دلالة النص وبعضهم القياس الجلى.

قوله: (مثاله من الأحكام) يعنى أن منطوق الحديث الأول هو أن عدم تنجس الماء بدون التغير يعم القليل والكثير ومفهوم الثانى خصصه بالكثير لدلالة الشرط على أنه إذا لم يبلغ قلتين يحمل الخبث سواء تغير أم لا وإنما لم يعكس ولم يجعل الأول مخصصًا لهذا المفهوم بحال التغير لأنه لا يبقى للشرط حينئذٍ فائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>