للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- بخصوص العموم كما لو قال عليه الصلاة والسلام: الوصال أو الاستقبال للحاجة أو كشف الفخذ حرام على كل مسلم ثم فعل فإن ثبت الاتباع بخاص فنسخ وإن ثبت بعام فالمختار تخصيصه بالأول وقيل العمل بموافق الفعل وقيل بالوقف لنا التخصيص أولى للجمع، قالوا الفعل أولى لخصوصه قلنا الكلام فى العمومين).

أقول: فعل الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بخلاف العموم مثل أن يقول: "الوصال فى الصوم"، أو "استقبال القبلة عند قضاء الحاجة" أو "كشف الفخذ حرام على كل مسلم" ثم يفعل ذلك فإنه يخصص العموم بناء على كونه حجة فيعلم أنه لم يدخل فى حكم العموم، فإن لم يثبت وجوب اتباع الأمة له فهو تخصيص له فقط وإن ثبت فإن كان ثبوته بدليل خاص فى ذلك الفعل فهو ناسخ لتحريمه، وإن كان بدليل عام فى جميع أفعاله فالمختار أن ذلك الدليل العام يصير مخصصًا بالأول، وهو العموم المتقدم ذكره فيلزم على الأمة موجب ذلك القول ولا يجب عليهم الاقتداء به فى الفعل وقيل لا يصير مخصصًا بل يجب عليهم العمل بموافق الفعل وهو دليل وجوب الاتباع فيتبع فى فعله وقيل بالوقف لنا اعتبار الأول تخصيص لدليل الاتباع وفيه جمع للدليلين، واعتبار دليل الاتباع إبطال الأول، والجمع أولى من الإبطال.

قالوا: الفعل خاص والقول عام، والعمل بالخاص أولى كغيره.

الجواب: أن الفعل لا دلالة له إنما الدليل هو القول الأول، ودليل الاتباع وهما عامان والأول أخص فالعمل به أولى، وقد يقال الدليل مجموع دليل الاتباع مع الفعل وهو أخص.

قوله: (فهو نسخ لتحريمه) إذ لم يبق التحريم لا فى حقه ولا فى حق الأمة.

قوله: (وإن كان بدليل عام) مثلًا لو قال الوصال فى الصوم حرام على كل مسلم ثم واصل، ووجب اتباعه بمثل قوله تعالى: {فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: ١٥٣]، يصير بواسطة قوله: الوصال فى الصوم حرام على كل مسلم، مخصصًا حتى يحرم على الأمة صوم الوصال، ولا يكون لهم اتباعه لأن فى هذا عملًا بالأول حيث حرم الوصال علينا، وبالثانى حيث وجب اتباعه فى غير ذلك بخلاف ما لو أبقى الثانى على عمومه وجوّز صوم الوصال لنا أيضًا فإن العام الأول يبطل بالكلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>