للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: الجمهور إذا علم -صلى اللَّه عليه وسلم- بفعل مخالف لم ينكره كان مخصصًا للفاعل، فإن تبين معنى حمل عليه موافقة بالقياس أو بحكمى على الواحد، لنا أن سكوته دليل الجواز فإن لم يتبين فالمختار لا يتعدى لتعذر دليله).

أقول: ذهب الجمهور إلى أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا علم بفعل للمكلف مخالف للعموم فلم ينكره كان مخصصًا للفاعل فلو تبين معنى هو العلة لتقريره حمل عليه من يوافقه فى ذلك المعنى إما بالقياس وإما بقوله: "حكمى على الواحد حكمى على الجماعة"، لنا أن سكوته دليل جواز الفعل إذ علم من عادته أنه لو لم يكن جائرًا لما سكت على إنكاره، وإذا ثبت أنه دليل الجواز وجب التخصيص به جمعًا بين الدليلين كغيره، هذا إذا تبين معنى هو العلة وأما إذا لم يتبين فالمختار أنه لا يتعدى إلى غيره لتعذر دليله، أما القياس فظاهر، وأما "حكمى على الواحد حكمى على الجماعة" فلتخصيصه إجماعًا، بما علم فيه عدم الفارق للاختلاف فى الأحكام قطعًا وههنا لم يعلم.

قال: (مسألة: الجمهور أن مذهب الصحابى ليس بمخصص ولو كان الراوى، خلافًا للحنفية والحنابلة لنا ليس بحجة، قالوا: يستلزم دليلًا وإلا كان فاسقًا فيجب الجمع، قلنا يستلزم دليلًا فى ظنه فلا يجوز لغيره اتباعًا، قالوا: لو كان ظنيًا لبينه، قلنا: ولو كان قطعيًا لبينه، وأيضًا لم يخف على غيره، وأيضًا لم يجز لصحابى مخالفته وهو اتفاق).

أقول: ذهب الجمهور إلى أن مذهب الصحابى على خلف العام لا يكون مخصصًا، وإن كان هو الراوى للعام خلافًا للحنفية والحنابلة إذ قال بعضهم يخصص مطلقًا وبعضهم إن كان هو الراوى، لنا أن العموم حجة ومذهب الصحابى ليس بحجة فلا يجوز تخصيصه به وإلا ترك الدليل لا لدليل وأنه غير جائز، قالوا: مخالفة الصحابى تستدعى دليلًا وإلا وجب تفسيقه وهو خلاف الإجماع فيعتبر ذلك الدليل وإن لم يعرف بعينه ويخصص به جمعًا بين الدليلين.

الجواب: أنه إنما يستدعى دليلًا فى ظنه وما ظنه المجتهد دليلًا لا يكون دليلًا على غيره ما لم يعلمه بعينه مع وجه دلالته فلا يجوز لغيره اتباعه فى اعتباره والتخصيص به لأنه تقييد من مجتهد وأنه لا يجوز.

قالوا دفعًا لهذا الجواب: دليله قطعى إذ لو كان ظنيًا لبينه دفعًا للتهمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>