للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: الجمهور أن العادة فى تناول بعض خاص ليس بمخصص خلافًا للحنفية مثل حرمت الربا فى الطعام، وعادتهم تناول البر، لنا أن اللفظ عام لغة وعرفًا ولا مخصص، قالوا: يتخصص به كتخصيص الدابة بالعرف، والنقد بالغالب، قلنا: إن غلب الاسم عليه كالدابة اختص به بخلاف غلبة تناوله والفرض فيه، قالوا: لو قال اشتر لى لحمًا، والعادة تناول الضأن لم يفهم سواه، قلنا تلك قرينة فى المطلق والكلام فى العموم).

أقول: إذا ورد عام يتناول أنواعًا من المتناولات والمعتاد ممن يخاطبون به إنما هو نوع تناول مما يتناوله اللفظ بعمومه فهذه العادة لا تخصص العام بذلك النوع مثاله: أن تقول حرمت الربا فى الطعام وأنه يتناول البر وغيره ونفرض أن عادتهم تناولهم البر فهل تعم حرمة الربا كل مطعوم أو تخص البر؟ الحق أنه تعم، والمعتبر تناول اللفظ لا تناولهم عادة، لنا أن اللفظ عام لغة وهو ظاهر وعرفًا إذا لم يطرأ عليه عرف نقله إذ المفروض أن المعتاد أكلهم البر والطعام باق على عمومه، وإذا كان كذلك وجب العمل به حتى يثبت تخصيصه بدليل ولا دليل بالأصل لغة لأنه لم يوجد سوى عادتهم فرضًا، وليس بدليل.

قالوا: أولًا: يتخصص بالعادة عرفًا، كما يتخصص الدابة بذوات الأربع بعد كونه فى اللغة لكل ما يدب، وكما يتخصص النقد بالنقد الغالب فى البلد بعد كونه فى اللغة لكل نقد.

الجواب: أن ذلك لتخصيص الاسم بذلك المسمى عرفًا بخلاف ما نحن فيه فإن العادة فى تناوله لا فى غلبة الاسم عليه إذ المفروض ذلك ولو فرضنا غلبة الاسم كما فى الدابة لاختص به وكان المخصص غلبة الاسم لا غلبة العادة والفرض إنما وقع فى غلبة العادة فقط.

قالوا: ثانيًا: لو قال اشتر لحمًا والمعتاد فى البلد تناول لحم الضأن لم يفهم سواه فعلم أن غلبة العادة تستلزم غلبة الاسم، وهو يقتضى تخصيص الحكم بالغالب واعتبار خصوص العادة دون عموم العبارة.

الجواب: أن ذلك غير محل النزاع لأن لحمًا مطلق نزل على المقيد بقرينة ميلهم إلى المعتاد وليس فيه ترك للمطلق وإنما الكلام فى العموم هل ينزل على الخصوص فيترك به الظاهر بمجرد العادة؟ وأين أحدهما من الآخر؟

<<  <  ج: ص:  >  >>