للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير ذلك المقيد وأيضًا فإنه يخرج بالعمل بالمقيد عن العهدة يقينًا سواء كان مكلفًا بالمطلق أو بالمقيد بخلاف العمل بالمطلق إذ قد يكون مكلفًا بالمقيد فلا يعمل فلا يخرج وأما أنه بيان لا نسخ فلأنه لو كان التقييد نسخًا لكان التخصيص نسخًا لأنه نوع من المجاز مثله وليس بنسخ بالاتفاق، وأيضًا لو كان نسخًا للمطلق لكان تأخير المطلق نسخًا للمقيد لأن التنافى إنما يتصوّر من الطرفين وهو الموجب لذلك وأنتم لا تقولون به وقد يجاب عن الأول بأن فى التقييد حكمًا شرعيًا لم يكن ثابتًا قبل وأما التخصيص فهو دفع لبعض الحكم الأول فقط وعن الثانى بمثله ويظهر بالتأمل، قالوا: لو كان تأخير المقيد بيانًا للمطلق لكان المراد بالمطلق هو المقيد فيجب أن يكون مجازًا فيه وهو فرع الدلالة وأنها منتفية إذ المطلق لا دلالة له على مقيد خاص.

الجواب: أنه لازم لهم إذا تقدَّم المقيد فإنهم يقولون المراد بالمطلق حينئذٍ المقيد فيجب دلالته عليه مجازًا وأيضًا فإنه لازم لهم فى تقييد الرقبة بالسلامة مجازًا فما هو جوابكم فى الصورتين فهو جوابنا ثم أفاد أن التحقيق فى هذه المسألة أن رقبة معناه رقبة من الرقبات أى رقبة كانت فيصير عامًا إلا أنه على البدل لا على الجميع ويصير تخصيصه بالمؤمنة أو السالمة تخصيصًا وإخراجًا لبعض المسميات من أن يصلح بدلًا فالتقييد يرجع إلى نوع من التخصيص يسمى تقييدًا اصطلاحًا فحكمه حكم التخصيص فكما تقدَّم الخاص بيانًا للعام فكذلك يقيد القيد بيانًا للمطلق، الثانى أن يتحد موجبهما منفيين فيعمل بهما اتفاقًا مثل أن يقول فى الظهار لا تعتق مكاتبًا لا تعتق مكاتبًا كافرًا فلا يجزئ إعتاق الكاتب أصلًا وأنت تعلم أن هذا من تخصيص العام لا من تخصيص المطلق، الثالث: أن يختلف موجبهما كما أطلق فى كفارة الظهار فقال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢]، وقَيَّد فى كفارة القتل فقال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢]، فنقل عن الشافعى رضى اللَّه عنه أنه يحمل المطلق على المقيد فقال أكثر الشافعية مراده أنه يحمل عليه بجامع إذا كان وهذا هو المختار فيكون كتخصيص عام ليس محلًا للتخصيص بالقياس على عام هو محل للتخصيص ويجئ ما ذكرنا هنالك من الدليل والسؤال والجواب، وقد روى شذوذ من الشافعية عن الشافعى أنه يحمل المطلق على المقيد من غير جامع لأن كلام اللَّه واحد وبعضه يفسر بعضًا وليس بسديد كما ترى، وقال أبو حنيفة رضى اللَّه عنه:

<<  <  ج: ص:  >  >>