وإن لم يكن ثابتًا فى الخارج وبفهم الشئ فهمه على أنه مراد لا لمجرد الخطور بالبال كما سبق فى بحث المشترك والمقصود تعريف المجمل الذى هو من أقسام المتن وهو لا محالة لفظ.
قوله:(ما لا يمكن معرفة المراد منه) مبنى الاعتراضين على أن منه متعلقًا بالمعرفة دون المراد إذ لو تعلق به لم يصدق الحد على شئ من أفراد المجمل لأنه يمكن معرفة ما أريد منه بالبيان وقد يجاب عن الاعتراضين بأن المشترك المقترن بالبيان مجمل بالنظر إلى نفسه مع قطع النظر عن البيان وإن كان مبينًا بالنظر إليه ولا منافاة وكذا المجاز مجمل من حيث إن المراد لا يعرف من نفسه وإن كان مجازًا من حيث استعماله فيما لم يوضع له وليس بشئ إذ لم يعرف اصطلاح على ذلك بل كلام القوم صريح فى خلافه على أن الحق أنه يصدق على المشترك المبين من حيث إنه مبين أنه لا يمكن أن يعرف منه مراده بل إنما عرفت من البيان فإن قيل سيجئ أن اللفظ إذا تعدد مجازاته فهو مجمل فما معنى نفى الإجمال عن المجاز، قلنا معناه على ما يشعر به كلام الإمام الغزالى أن اللفظ الدائر بين معناه الحقيقى والمجازى ليس بمجمل فيهما لأنه إن اشتمل على القرينة فللمجازى وإلا فللحقيقى، وأما إذا اشتمل على القرينة الصارفة عن الحقيقة وتعددت معانيه المجازية من غير بيان فلا كلام فى إجماله فيها وإلى هذا ينبغى أن يصرف كلام الشارح.
قوله:(وبفهم الشئ فهمه على أنه مراد لا مجرد الخطور بالبال) فيه أن المعترض إنما اعترض بعد حمله فهم المعنى على فهمه على أنه مراد بدليل قوله فلأنه يجوز أن يفهم من المجمل أحد محامله لا بعينه ولم يقل بجواز أن يفهم كل واحد من محامله لأن العمل على مجرد الخطور بالبال يقتضى فهم كل واحد من معانى المشترك، فالأولى فى الجواب أن يقال إن المراد بفهم المعنى فهم المعنى المراد بعينه وهنا ليس كذلك لأنه يفهم أن المراد إما هذا وإما ذاك.
قوله:(وكذا المجاز مجمل من حيث إن المراد لا يعرف من نفسه) أى من نفس اللفظ إذ يحتمل الحقيقة والمجاز وقوله وإن كان مجازًا. . . إلخ. أى وحينئذ ليس مجملًا لتعين المعنى المجازى.