للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (مسألة: لا إجمال فى نحو: "لا صلاة إلا بطهور" وخلافًا للقاضى لنا إن ثبت عرف شرعى فى الصحيح فلا إجمال وإلا فالعرف فى مثله نفى الفائدة مثل: لا علم إلا ما نفع، فلا إجمال، ولو قدر انتفاؤهما فالأولى نفى الصحة لأنه يصير كالعدم فكان أقرب إلى الحقيقة المتعذرة، فإن قيل إثبات اللغة بالترجيح، قلنا إثبات المجاز بالعرف فى مثله وهو جائز قالوا: العرف شرعًا مختلف فى الكمال والصحة قلنا مختلف للاختلاف ولو سلم فلا استواء لترجحه بما ذكرناه).

أقول: نحو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاة إلا بطهور"، "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب"، "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل"، "لا نكاح إلا بولى"، مما ينفى فيه الفعل والمراد نفى صفته لا إجمال فيه عند الجمهور خلافًا للقاضى، لنا أنه إن ثبت عرف شرعى فى إطلاقه للصحيح كان معناه لا صلاة صحيحة ولا صيام صحيحًا ونفى مسماه ممكن فتعين فلا إجمال، وإن لم يثبت عرف شرعى فإن ثبت فيه عرف لغوى وهو أن مثله يقصد منه نفى الفائدة والجدوى، نحو: لا علم إلا ما نفع، ولا كلام إلا ما أفاد، ولا طاعة إلا للَّه، فيتعين فلا إجمال، ولو قدر انتفاؤهما أى إن لا عرف شرعيًا ولا لغويًا فيه فالأولى حمله على نفى الصحة دون الكمال لأن ما لا يصح كالعدم فى عدم الجدوى بخلاف ما لا يكمل فكان أقرب المجازين إلى الحقيقة المتعذرة فكان ظاهرًا فيه فلا إجمال، فإن قيل هو إثبات اللغة بالترجيح، وقد منعتموه، قلنا ليس من ذلك بل ترجيح أحد المجازات بالعرف فى مثله ولذلك يقال هو كالعدم إذا كان بلا جدوى، قالوا: العرف شرعًا فيه مختلف فيفهم منه نفى الصحة تارة ونفى الكمال تارة أخرى، فكان مترددًا بينهما ولزم الإجمال.

الجواب: إن اختلاف العرف والفهم إنما كان للاختلاف فى أنه ظاهر فى الصحة أو فى الكمال فكل صاحب مذهب يحمله على ما هو الظاهر فيه عنده لا أنه متردد بينهما فهو ظاهر عندهما لا مجمل إلا أنه ظاهر عند كل فى شئ ولو سلم أنه متردد بينهما فلا نسلم أنه على السواء بل نفى الصحة راجح بما ذكرنا من أنه أقرب إلى نفى الذات.

قوله: (فالعرف فى مثله) فإن قيل التقدير انتفاء العرف الشرعى واللغوى فما معنى هذا العرف؟ قلنا ذكر الشارح العلامة أنه العرف الأصولى وردّ ذلك فى

<<  <  ج: ص:  >  >>