قال:(ولا بد من مستلزم للمطلوب حاصل للمحكوم عليه فمن ثم وجبت المقدمتان).
أقول: لا بد فى الدليل من مستلزم للمطلوب وإلا لم ينتقل الذهن منه إليه ولا من ثبوته للمحكوم عليه ليكون الحاصل خبريًا فلذلك وجبت فيه المقدمتان لتنبئ إحداهما عن اللزوم والأخرى عن ثبوت الملزوم فإن قلت هذا يختص فيما أرى ببعض الدلائل. وإلا فما تقريره فى نحو لا شئ من الملح بمقتات وكل ربوى مقتات وفي نحو لو كان الملح ربويًا لكان مقتاتًا وليس فليس قلنا مهما جعلنا المطلوب والوسط هما النفى والإثبات يزول هذا الوهم وتقريره فى المثالين أن نفى الاقتيات حاصل له ويستلزم نفى الربوية وفى الثانى كذلك وستراه يرجع الجميع إلى أمر واحد وهو الشكل الأول فتعين بذلك أن نظره إلى ما ذكرت.
قوله:(ولا بد من مستلزم) هذا على تفسير المتكلمين ظاهر وأما على تفسير الأصوليين وهو المقصود بالبيان فوجوب المقدمتين إنما يكون على تقدير النظر، وإليه أشار بقوله ليكون الحاصل خبريًا يعنى إذا كان المستلزم حاصلًا للأصغر يكون اللازم حاصلًا له ضرورة فيحصل مطلوب خبرى هو النتيجة فحصول المستلزم للأصغر ليس مضمون النتيجة على ما سبق إلى الوهم بل مضمون الصغرى.
قوله:(لتنبئ إحداهما عن اللزوم) هذه هى الكبرى فى الشكل الأول قدمها فى البيان لأن الملزوم من حيث هو ملزوم إنما يكون بعد اللزوم.
قوله:(مهما جعلنا المطلوب) لما كان الظاهر أن المطلوب هو النتيجة والمستلزم هو الحد الأوسط وحصوله للأصغر هو حمله عليه بالإيجاب توهم أكثر الشارحين أن ما ذكره إنما يصح فى الشكل الأول والهاربين الأول والثانى من الشكل الثانى لا فى الاستثنائى ولا فى باقى الضروب والأشكال مما صغراه سالبة والوسط موضوع وبعضهم فهم من المطلوب الأكبر فجعل هذا مختصًا بالضربين الأول والثانى من الشكل الأول إذ فيهما لزوم الأكبر للأوسط وثبوت الأوسط للأصغر على أنه لو جرى على ظاهره لم يصح إلا فى الكبرى الضرورية فذهب الشارح المحقق إلى أن هذا وهم، والتحقيق أن المراد بالمطلوب النفى والإثبات بين الأكبر والأصغر وبالمستلزم الإثبات أو النفى بين الأوسط والأصغر فلابدّ من مقدّمه