للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (واستدل بقوله تعالى: {أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧]، وكانت معينة بدليل تعينها بسؤالهم مؤخرًا وبدليل أنه لا يؤمر بمتجدد وبدليل المطابقة لما ذبح، وأجيب بمنع التعيين فلم يتأخر بيان بدليل بقرة وهو ظاهر وبدليل قول ابن عباس رضى اللَّه عنهما: "لو ذبحوا بقرة ما لأجزأتهم" وبدليل: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: ٧١]، واستدل بقوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأنبياء: ٩٨]، فقال ابن الزبعرى فقد عبدت الملائكة والمسيح، فنزل: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: ١٠١]، وأجيب بأن "ما" لما لا يعقل ونزول {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ} [الأنبياء: ١٠١]، زيادة بيان لجهل المعترض مع كونه خبرًا واستدل بأنه لو كان ممتنعًا لكان لذاته أو لغيره بضرورة أو نظر وهما منتفيان وعورض لو كان جائزًا إلخ).

أقول: هذه دلائل للمذهب المختار ضعيفة وهى ثلاثة قد استدل بقوله تعالى: {أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧]، وجه الاستدلال أن البقرة المأمور بذبحها كانت بقرة معينة لا أى بقرة كانت كما هو الظاهر فقد أريد به خلاف الظاهر ثم تأخر البيان فانتهض دليلًا وإنما قلنا: إنها كانت معينة بدليل أنهم لما قالوا: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} [البقرة: ٦٨] أوّلًا، و {مَا لَوْنُهَا} [البقرة: ٦٩]، ثانيًا عينها بسؤالهم فقال: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ} [البقرة: ٦٨]، {إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} [البقرة: ٦٩]، والضمير فى السؤال ضمير المأمور بها فكذا فى الجواب وبدليل أنهم لم يؤمروا بمتجدد ولو كانت بقرة ما لكان الأمر بالمعين أمر بالمتجدد لا بالأوّل وينفيه سياق الآية والاتفاق، وبدليل أنه لما ذبح ذلك المعين طابق الأمر لذبح المعين ويعلم قطعًا أنه لو ذبح غيره لما كان مطابقًا للأمر فعلم أن المأمور بها معينة.

الجواب: منع كونها بقرة معينة بل هى بقرة ما فلا تحتاج إلى بيان فيتأخر بدليل: {يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧]، وهو ظاهر فى بقرة غير معينة فتحمل عليها وبدليل قول ابن عباس رضى اللَّه عنهما وهو رئيس المفسرين: "لو ذبحوا أى بقرة لأجزأتهم، ولكنهم شددوا على أنفسهم فشدد اللَّه عليهم"، وبدليل قوله: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: ٧١]، دل على أنهم كانوا قادرين على الفعل وأن السؤال عن التعيين كان تعنتًا وتعللًا، واستدل أيضًا بقوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبباء: ٩٨]، لما نزلت قال ابن الزبعرى أليس قد عبدت الملائكة والمسيح؟ فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: ١٠١]،

<<  <  ج: ص:  >  >>