(قال: المانع بيان الظاهر لو جاز لكان إلى مدة معينة وهو تحكم، ولم يقل به أو إلى الأبد، فيلزم المحذور وأجيب إلى معينة عند اللَّه وهو وقت التكليف، قالوا: لو جاز لكان مفهمًا لأنه مخاطب فيستلزمه وظاهره جهالة والباطن متعذر، وأجيب بجريه فى النسخ لظهوره فى الدوام وبأنه يفهم الظاهر مع تجويزه التخصيص عند الحاجة فلا جهالة ولا إحالة).
أقول: هذه شبهة المخالفين فالمانعون من جواز تأخير البيان فى الظاهر قالوا: أولًا: لو جاز ذلك فإما إلى مدة معينة أو إلى الأبد، وكلاهما باطل، أما إلى مدة معينة فلأنه تحكم ولأنه لم يقل به قائل، وأما إلى الأبد فلأنه يلزم المحذور وهو الخطاب والتكليف به مع عدم الفهم.
الجواب: نختار جوازه إلى مدة معينة عند اللَّه، وهو الوقت الذى يعلم أنه مكلف به فيه ولا تحكم، ونحن نقول به.
قالوا: ثانيًا: لو جاز تأخير البيان لكان المتكلم بالعام غير مبين قاصدًا به التفهيم، واللازم باطل، أما اللازمة فلأنه مخاطب والخطاب يستلزم التفهيم لأن حقيقته توجيه الكلام إلى المخاطب لأجل التفهيم ولذلك لا يصح خطاب الجماد وخطاب الزنجى بالعربى، وأما بطلان اللازم فلأنه لو قصد التفهيم فإما لظاهره وهو غير مراد فيكون فهمه جهالة لا تصح مقصودًا للشارع، وإما لباطنه وأنه متعذر ويلزم القصد إلى ما يمتنع حصوله وأنه سفه.
الجواب: أوّلًا: النقض بالنسخ لأنه ظاهر فى الدوام مع أنه غير مراد فيجئ فيه ما ذكرتم بعينه، وثانيًا: لحل وهو أنه يقصد تفهيم الظاهر مع تجويز التخصيص عند الحاجة، فلا يلزم جهالة إذ لم يعتقد عدم التخصيص لتجويزه ولا إحالة إذ لم يرد منه فهم التخصيص تفصيلًا.
قوله:(ويلزم المحذور) قالوا فى المنتهى هو المخالفة للمراد وما ذكره الشارح ناظرًا إلى ما ذكره الآمدى وهو أنه يلزم بقاء المكلف أبدًا عاملًا بعموم أريد به الخصوص ونحوه وهو فى غاية التجهيل.
قوله:(فلأنه) أى المتكلم بالعام مخاطب على لفظ اسم الفاعل وحقيقة الخطاب توجيه الكلام إلى المخاطب أى إلى ذات من قصد خطابه لا من حيث هذا المفهوم