للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (مسألة: المختار على المنع جواز تأخير إسماع المخصص الموجود لنا أنه أقرب من تأخيره مع العدم وأيضًا فإن فاطمة رضى اللَّه عنها سمعت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}، [النساء: ١١]، ولم تسمع: "نحن معاشر الأنبياء. . "، وسمعوا قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥]، ولم يسمع الأكثر: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" إلا بعد حين).

أقول: إذا جوّزنا تأخير البيان وعدمه إلى وقت الحاجة فجواز إسماع العام للداخل تحت العموم مع عدم إسماع المخصص له، إلى وقت الحاجة أجدر بالجواز لأن عدم الإسماع أسهل من العدم وأما بناء على المنع من تأخير البيان فقد اختلف فيه والمختار جوازه.

لنا: أن تأخير إسماعه مع وجوده أقرب من تأخيره مع عدمه وقد بينا جواز ذلك وأنت تعلم أن ذلك لا يستقيم على المنع فليحمل كلامه على النزاع إنما هو المانع وقد أثبتنا معه الأبعد فالأقرب أجدر.

ولنا أيضًا: أن ذلك لو لم يجز لم يقع وقد وقع، فمنه: أن فاطمة رضى اللَّه عنها سمعت قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١]، وهو عام ولم تسمع مخصصه، وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" (*) إلا بعد حين.

ومنه: أن الصحابة سمعوا قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: ٣٦]، وهو عام ولم يسمعوا مخصصه وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- فى المجوس: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" (**) إلا بعد حين.

قوله: (وعدمه) أى عدم البيان وقوله للداخل مفعول ثان للإسماع والمراد به المكلف الذى شمله العام وضمير له للداخل وضمير فيه لجواز الإسماع وضمير إسماعه ووجوده للمخصص وضمير تأخيره لإسماعه.


(*) أخرجه عبد الرزاق فى مصنفه (٥/ ٤٧٢) (ح ٩٧٧٤)، وانظر: فتح البارى (١٢/ ٨).
(**) أخرجه البيهقى فى الكبرى (٩/ ١٨٩) والشافعى فى مسنده (١/ ٢٠٩)، والإمام مالك فى الموطأ (١/ ٢٧٨) (ح ٦١٦)، وابن أبى شيبة فى مصنفه (٢/ ٤٣٥) (ح ١٠٧٦٥)، وعبد الرزاق فى مصنفه (٦/ ٦٩) (ح ٢٥/ ١٠٠)، والشاشى فى مسنده (١/ ٢٨٨) (ح ٢٥٧)، والبزار فى مسنده (٣/ ٢٦٥) (ح ١٠٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>