قال:(وعدّ بعضهم حمل مالك {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ. .} إلى آخرها على بيان المصرف، من ذلك وليس منه لأن سياق الآية قبلها من الرد على لمزهم فى المعطين ورضاهم فى إعطائهم وسخطهم فى منعهم يدل عليه).
أقول: حمل مالك قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ. . .}[التوبة: ٦٠]، الآية على أنه لبيان المصرف لا للاستحقاق، فعدّه بعض العلماء من ذلك أى من التأويلات البعيدة لكون اللازم ظاهرًا فى الملكية، فقال المصنِّفُ ليس منه لأن سياق الآية قبلها، وهو الرد على لمزهم وطعنهم فى المعطين ورضاهم عنهم إذا أعطوهم وسخطهم عليهم إذا منعوهم اقتضى بيان المصرف لئلا يتوهم فى المعطين أنهم مختارون فى الإعطاء والمنع فيندفع اللمز فدل أن ذلك هو المراد، وقد يقال: إن ذلك يحصل ببيان الاستحقاق أيضًا فلا يصلح صارفًا عن الظاهر.
قوله:(لبيان المصرف) حتى يجوز الصرف إلى صنف واحد لا للاستحقاق حتى يجب الصرف إلى جميع الأصناف فعده بعض العلماء كإمام الحرمين وغيره من التأويلات البعيدة لأن الآية ظاهرة فى استحقاق جميع الأصناف ووجوب الاستيعاب حيث أضاف الصدقات إليهم بلام الملك وعطف البعض بلام التشريك وقال الإمام الغزالى: وليس كذلك لأن قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ}[التوبة: ٦٠] عطف على قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ}[التوبة: ٥٨] إلى قوله: {رَاغِبُونَ}[التوبة: ٥٩]، أى منضم إليه متعلق به بمعنى أن طمعهم فى الزكاة مع خلوهم عن شرط الاستحقاق باطل، ثم عدّ شرط الاستحقاق ليبين من يجوز صرف الزكاة إليه، فهذا محتمل فإن منعه الشافعى فللقصور فى دليل التأويل لا لانتفاء الاحتمال وقال الآمدى: إن سلمنا أنه لبيان المصرف فلا نسلم أنه لا مقصود سواه فليكن الاستحقاق بصفة التشريك أيضًا مقصودًا عملًا بظاهر اللفظ.
الشارح:(وقد يقال: إن ذلك حاصل ببيان الاستحقاق أيضًا) يعنى أن السياق يجامع الظاهر الذى هو جعل اللام للملك وأن المستحقين هم الأصناف المذكورة وقوله: وقال الإمام الغزالى وليس كذلك عبارته فى المستصفى مسألة يقرب مما ذكرنا تأويل الآية فى مسألة أصناف الزكاة فقال قوم: قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ