للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجوب الزكاة فيه، قال: وهذا دقيق لكنه رجوع إلى نفى المفهوم، وكونه سكوتًا وعدم حكم وتعرض وهو بعينه مذهب الخصم.

قالوا: ثالثًا: لو صح القول بالمفهوم لما صح أن يقال أدّ زكاة الغنم السائمة والغنم المعلوفة، لا مجتمعًا ولا متفرقًا، واللازم ظاهر البطلان، بيان الملازمة أن وزانه فى منافاة مفهوم كلٍّ لمنطوق الآخر وزان قولك فى مفهوم الموافقة لا تقل له أف واضربه، ولا شك أن ذلك غير جائز فكذا هذا وإنما لم يجز ذلك لوجهين: أحدهما: أن المنطوقين مع المفهومين متعارضان، والمنطوق أقوى من المفهوم فيندفع المفهومان، فلا يبقى لذكر القيدين فائدة، إذ فائدة التقييد المفهوم ويكون بمثابة قولك أدّ زكاة الغنم فيضيع ذكر السائمة، والمعلوفة بخصوصها، ثانيهما: أنه تناقض فإن مفهوم كلٍّ مناقض لمنطوق الآخر.

الجواب: لا نسلم أنه كمفهوم الموافقة لقطعية ذلك وظنية هذا، وأما ما ذكرت فى بيانه فالجواب عن الأول: أن الفائدة فى ذكر القيدين عدم تخصيص أحدهما عن العام فإن العام ظاهر فى تناول الخاصين ويمكن إخراج أحدهما عنه تخصيصًا له، وإذا ذكرهما بالنصوصية لم يمكن ذلك، وعن الثانى أنه لا تناقض فى الظواهر، مع إمكان الصرف عن معانيها لدليل ودفع التناقض أقوى دليل عليه.

قالوا: رابعًا: لو كان المفهوم حقًا لما ثبت خلاف المفهوم واللازم باطل، أما الملازمة فلأنه يلزم التعارض بين المفهوم ودليل خلافه والأصل عدم التعارض وأما انتفاء اللازم فلأنه قد ثبت فى نحو: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: ١٣٠]، إذ مفهومه عدم النهى عن القليل منه والنهى ثابت فى القليل والكثير.

الجواب: لا نسلم الملازمة، قولك يلزم التعارض ممنوع بل القاطع يقع فى مقابلة الظاهر فلا يقوى الظاهر للمعارضة فلا يقع تعارض من الطرفين، سلمنا لكن التعارض وإن كان خلاف الأصل وجب المصير إليه عند قيام الدليل، كما أن الأصل البراءة ويخالفها بالدليل وهو أكثر من أن يحصى، واعلم أنه قد يورد هذا على وجه يندفع، الجوابان وهو أنه لو كان المفهوم ثابتًا لزم التعارض عند المخالفة وهو خلاف الأصل، وأما إذا لم يثبت لم يلزم وما يفضى إلى خلاف الأصل مرجوح إلا لدليل يدل عليه فإن أقام عليه دليلًا صح دليلنا، فكان ذلك معارضة.

قوله: (والثانى لا مر) أى فى جواب الاعتراض على الدليل الثانى للمثلثين من

<<  <  ج: ص:  >  >>