للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وأما مفهوم الشرط فقال به بعض من لا يقول بالصفة، والقاضى وعبد الجبار والبصرى على المنع، للقائل به ما تقدم، وأيضًا يلزم من انتفاء الشرط انتفاء المشروط، وأجيب قد يكون سببًا قلنا أجدر إن قيل بالاتحاد والأصل عدمه إن قيل بالتعدد وأورد: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: ٣٣]، وأجيب بالأغلب وبمعارضة الإجماع).

أقول: مفهوم الشرط أقوى من مفهوم الصفة فكل من قال بمفهوم الصفة قال به، وقد قال به بعض من لا يقول بمفهوم الصفة، والقاضى وعبد الجبار والبصرى من المانعين لمفهوم الصفة على المنع من مفهومه أيضًا للقائل به ما تقدَّم فى مفهوم الصفة من مقبول ومزيف فتنقل إلى ههنا بعينها وله أيضًا دليل يختص به وهو أنه إذا ثبت كونه شرطًا لزم من انتفائه انتفاء المشروط فإن ذلك هو معنى الشرط وربما يقال: هو شرط لإيقاع الحكم لا لثبوته، وقد اعترض عليه بأنه لا يتعين أن يكون شرطًا لجواز استعمال إن فى السببية بل غلبته فيها اتفاقًا.

الجواب: لا يضرنا ذلك سواء قلنا بوجوب اتحاد السبب أو بجواز تعدده أما إن قلنا بالاتحاد فلأنه إذا انتفى انتفى المسبب، لامتناع المسبب بدون سببه بل مع عدم السبب أجدر بالانتفاء من المشروط، لانتفاء شرطه، مع وجود السبب، وأما إن قلنا بجواز التعدد فلأن الأصل عدم غيره وإن جاز فإذا انتفى فقد انتفى السبب مطلقًا، فينتفى المسبب.

وقد اعترض عليه بإيراد نقض وهو قوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: ٣٣]، فلو ثبت مفهوم الشرط لثبت جواز الإكراه عند عدم إرادة التحصن ولا إكراه عليه غير جائز بحال من الأحوال إجماعًا.

الجواب: أولًا: أنه مما خرج مخرج الأغلب، إذ الغالب أن الإكراه يكون عند إرادة التحصن ولا مفهوم فى مثله كما عرفت.

وثانيًا: أن المفهوم اقتضى ذلك وقد انتفى لمعارض أقوى منه وهو الإجماع، وقد يجاب عنه بأنه يدل على عدم الحرمة عند عدم الإرادة وأنه ثابت إذ لا يمكن الإكراه حينئذٍ لأنهن إذا لم يردن التحصن لم يكرهن البغاء والإكراه إنما هو إلزام فعل مكروه وإذا لم يمكن لم يتعلق به التحريم لأن شرط التكليف الإمكان ولا يلزم من عدم التحريم الإباحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>