للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وأما مفهوم اللقب فقال به الدقاق وبعض الحنابلة وقد تقدَّم وأيضًا فإنه كان يلزم من محمد رسول اللَّه، وزيد موجود وأشباهه ظهور الكفر، واستدل بأنه يلزم منه إبطال القياس لظهور الأصل فى المخالفة وأجيب بأن القياس يستلزم التساوى فى المتفق عليه، فلا مفهوم فكيف ههنا، قالوا: لو قال لمن يخاصمه ليست أمى بزانية، ولا أختى تبادر نسبة الزنا إلى أم خصمه، وأخته، ووجب الحد عند مالك وأحمد قلنا من القرائن لا مما نحن فيه).

أقول: مفهوم اللقب وهو نفى الحكم عما لم يتناوله الاسم مثل فى الغنم زكاة فينتفى من غير الغنم قد منعه الجمهور، وقال به أبو بكر الدقاق وبعض الحنابلة، وقد تقدَّم أن المفهوم إنما يعتبر لتعينه فائدة، لأجل أن لا فائدة غيره واللقب قد انتفى فيه المقتضى لاعتبار المفهوم إذ لو طرح لاختل الكلام، ولنا أيضًا: أنه كان يلزم من قولنا محمد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ظهور الكفر لأن مفهومه نفى رسالة غيره من الأنبياء، وكذا من قولنا العالم موجود وزيد موجود أو بكر عالم أو قادر إذ يفهم منه نفى هذه الصفات عن الغير فيلزم نفيها عن اللَّه تعالى بل كان زيد موجود ظاهرًا كذبه واللوازم باطلة إجماعًا واستدل بأن القول بمفهوم اللقب يلزم منه إبطال القياس والقياس حق، والمفضى إلى إبطال الحق باطل فيكون القول بمفهوم اللقب باطلًا، بيان اللزوم أن النص الدال على حكم الأصل إن تناول الفرع ثبت الحكم فيه بالنص وإلا دل على انتفاء الحكم فيه فكان إثباته بالقياس قياسًا فى مقابلة النص فلا يعتبر.

الجواب: أن القياس يستدعى مساواة فرع الأصل فى المعنى الذى أثبت له الحكم وإذا حصل ذلك دل على الحكم فى الفرع بمفهوم الموافقة وبطل مفهوم المخالفة كما علمت هذا فى الصفة والشرط مما هو أقوى، وقد اتفق على حقيقة مفهومه فكيف فى اللقب وهو الأضعف المختلف فيه، وقد أنكره كثير ممن أثبت ذلك والحاصل أن موضع القياس لا يثبت فيه مفهوم اللقب اتفاقًا، فإذا لم يجتمعا فى محل فكيف يدفع القياس، قالوا: لو قال لمن يخاصمه ليست أمى بزانية ولا أختى تبادرت منه إلى الفهم نسبة الزنا إلى أم الخصم وأخته ولذلك وجب عليه الحد عند مالك وأحمد ولولا مفهوم اللقب لما تبادر ذلك.

الجواب: أن ذلك مفهوم من القرائن الحالية وهى الخصام وإرادة الإيذاء

<<  <  ج: ص:  >  >>