للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وأما الحصر بإنما فقيل لا يفيد وقيل منطوق وقيل مفهوم، الأول: إنما زيد قائم، بمعنى إن زيدًا قائم، والزائد كالعدم، الثانى: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} [طه: ٩٨]، بمعنى ما إلهكم إلا اللَّه، وهو المدعى وأما مثل: "إنما الأعمال" و"إنما الولاء" فضعيف لأن العموم فيه لغيره فلا يستقيم لغير المعتق ولاء ظاهرًا).

أقول: مفهوم إنما هو نفى غير المذكور فى الكلام آخرًا مثل إنما زيد قائم وإنما العالم زيد وإنما ضرب زيد عمرًا يوم الجمعة أمام الأمير قائمًا، وقد اختلف فيه فقيل: لا يفيد الحصر فهو "إن" و"ما" مؤكدة فقولك: إنما أنت نذير فى قوة إنك نذير، وقيل يفيده بالمنطوق فلا فرق بين إنما أنت نذير وبين ما أنت إلا نذير، وقيل يفيده بالمفهوم، قال: الأول وهو القائل بأنه لا يفيده لا فرق بين إن زيدًا قائم، وإنما زيد قائم، و"ما" ههنا زائدة فهى كالعدم.

وقال الثانى -وهو القائل بأنه يفيده بالمنطوق-: لا فرق بين: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} [طه: ٩٨]، وبين لا إله لكم إلا اللَّه، وكلاهما تقرير المدعى وإعادته بعبارة أوضح استدلال والمنع عليهما ظاهر، وقد يحتج فى إفادته للحصر بمثل: "إنما الأعمال بالنيات"، "إنما الولاء لمن أعتق" إذ يتبادر منه عدم صحة العمل بلا نية، وعدم الولاء لغير المعتق.

الجواب: أن الحصر نشأ من عموم الأعمال والولاء إذ معناه كل عمل بنية وكل ولاء للمعتق، وهو كلى موجب فينتفى مقابلة الجزئى السالب، وهو بعض العمل بغير نية وبعض الولاء ليس لمن أعتق بل لغيره، فإن قلت يحتمل الولاء للمعتق ولغيره إذ لا منافاة، قلت: هو ظاهر فى نفى الولاء عن غيره وإلا كان ما للغير ولاء وليس للمعتق ولا يمكن أن يقال هذا تغاير بالإضافة، لا تغاير وجودى، وذلك كما يقال ملكية الدار لزيد فإنه ظاهر فى الاستقلال وإن لم تمتنع الشركة بما ذكرنا إذ ملكية غيره ملكية وليست له.

قوله: (وقد اتفق على حقيقة مفهومه) أى مفهوم ما هو قوى كالشرط والصفة ونحوهما والمراد اتفاقنا واتفاق القائلين باللقب لا اتفاق الكل.

قوله: (مفهوم إنما) يعنى أن مفهوم المخالفة الذى يدل عليه إنما هو نفى غير ما ذكر آخرًا فى الكلام المصدر بإنما لأنه يدل على الحصر فى الجزء الأخير من كلامه

<<  <  ج: ص:  >  >>