للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يجاب عنه بأنه قد علم أن الحكم يدوم ما وجد شرط دوامه وليس شرطه إلا عدم قول اللَّه الدال على انتفائه فقاطع الدوام هو ذلك القول، وهو النسخ فكما أن الحكم ليس إلا قوله افعل، فالنسخ ليس إلا ذلك القول، وقول العدل وفعل الرسول يدلان على ذلك القول، فهما دليلا النسخ الدال بالذات، والمراد إنما هو الدال بالذات، وما ذكرناه ظاهرًا أنه لا يتوقف فهمه على فهم النسخ وإن كان فى الخارج هو النسخ، وكذلك كل حد ومحدوده يتحدان ذاتًا ويتغايران مفهومًا.

الثانى: قال الغزالى هو الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتًا مع تراخيه عنه، واعترض عليه بالثلاثة الأول، وهى أن اللفظ دليل النسخ وقول العدل يدخل فيه ويخرج فعل الرسول، ويرد ههنا سؤال يخصه، وهو أن قوله: على وجه لولاه لكان ثابتًا مع تراخيه عنه زيادة لا يحتاج إليه، أما لولاه لكان ثابتًا فلأن الرفع لا يكون إلا إذا كان كذلك، وأما مع تراخيه عنه فلأنه لولاه لم يتقرر الحكم الأول، فكان دفعًا لا رفعًا كالتخصيص، وقد يجاب عن الرابع بأن قوله: لولاه لكان ثابتًا احتراز عن قول العدل لأنه قد ارتفع بقول الشارع رواه العدل أم لا، ومع تراخيه عنه كقوله متأخرًا، احتراز عن الغابة.

الثالث: قال الفقهاء: النص الدال على انتهاء أمد الحكم الشرعى مع تراخيه عن مورده، واعترض عليه بالثلاثة الأول الموردة على الغزالى والإمام، والجواب ما عرفت مع أن قول الراوى ليس بنص وقد يلتزم كون الفعل إذا أفاد حكمًا نصًا فيه فإنه يوصف بما يوصف به الألفاظ من الظاهر والمجمل هذا ولا معنى لفرارهم من الرفع إلى الانتهاء لأن ذلك يحتمل أمورًا ثلاثة: اثنان فاسدان وواحد نزاع لفظى:

أحدها: أنهم فروا من الرفع لكون الحكم قديمًا والتعلق قديمًا فلا يتصور رفع شئ منهما وهذا فاسد فإن انتهاء أمد الوجوب لا يتصور مع دوام الوجوب، وعدم دوامه هو رفعه فقد قال بالرفع معنًى وأنكره لفظًا فناقض.

ثانيها: أنهم فروا منه لأن التعلق بفعل مستقبل لا يمكن رفعه فإذا نسخ علم أنه لم يكن متعلقًا به، وهذا أيضًا فاسد، لأنه يلزم منه القول بامتناع النسخ قبل الفعل لأنه إذا صدق أن ما نسخ فالخطاب لم يتناوله صدق بحكم عكس النقيض أن ما

<<  <  ج: ص:  >  >>