القاطع هو الناسخ لا النسخ بالمعنى المصدرى اللهم إلا أن يحمل القول أيضًا على معناه المصدرى فيؤول إلى ما فى بعض الشروح من أن المراد باللفظ التلفظ أى تلفظ الشارع على أن إطلاق التلفظ أيضًا محظور وليس هو بدال بل نفس اللفظ وأيضًا إذا كان شرط دوام الحكم هو عدم القول المخصوص كان انتفاء الشرط نفس ذلك القول الذى هو النسخ فلا يصح تفسيره باللفظ الدال على ظهوره وأيضًا لو كان الناسخ هو قول اللَّه تعالى فقط لم يكن قول الرسول ناسخًا اللهم إلا أن يفرق بينه وبين الفعل بأنه وحى فكأنه قول اللَّه بخلاف الفعل فإنه إنما يدل عليه.
قوله:(فلأنه لولاه) أى لولا تراخى الخطاب الدال على الارتفاع عن الخطاب المتقدم بل كان متصلًا كما فى الغاية والشرط ونحو ذلك لم يتقرر الحكم لأن الحكم إنما يثبت بعد تمام الكلام فكان الخطاب الثانى دافعًا لثبوت الحكم فيما وراء المذكور مثلًا لا رافعًا لما هو ثابت.
قوله:(وقد يجاب عن الرابع بأن قوله لولاه لكان ثابتًا احتراز عن قول العدل أن حكم كذا قد نسخ) فإنه وإن كان خطابًا دالًا على ارتفاع الحكم لكنه ليس هو بحيث لولاه لكان الحكم ثابتًا فى نفس الأمر وإن اعتقد المكلف ثبوته مع أن دلالة الرفع على ما ذكر التزام ولا يقدح فى التعريف التصريح بما علم التزامًا وحينئذٍ يندفع الاعتراض الثانى أيضًا مع أن المفهوم من الخطاب ههنا خطاب الشارع فلا يدخل فيه قول العدل على أنه لو أريد الدال بالذات كما سبق اندفعت الثلاثة وكان قوله لولاه للتصريح بهذا المعنى ودفع ما يتبادر إلى الفهم من إطلاق الدلالة فإن قيل: إن الشارح جعل الاعتراض الرابع استدراك قيدين نظر إلى ظاهر قوله إلخ أى آخر التعريف والأنسب أن يكون المراد آخر ذلك القيد فإنه يتم بقوله لكان ثابتًا، وقوله مع تراخيه ابتداء قيد آخر متعلق بالخطاب الدال وذلك لأن المصنِّف قد صرح بقيد التأخر وهو بعينه معنى التراخى فكيف يصح منه الاعتراض باستدراكه قلنا مبناه على أن الغزالى وصفا الخطاب الأول بالمتقدم وهو كالتصريح بتأخر الثانى بخلاف تعريف المصنِّف، فإنه خال عن ذلك بل غايته أن الرفع ينبئ عن إخراج الغاية كالارتفاع فى تعريف الغزالى فليتأمل بل التحقيق أن قيد التراخى مما لا بد منه فى حقيقة النسخ والتأخر لا يستلزمه إذ المتأخر قد يكون متصلًا كالاستثناء والغاية ألا ترى أن فاء العطف تفيد التأخر ولا تفيد التراخى نعم أراد