للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (مسألة: الجمهور، على جواز نسخ مثل صوموا أبدًا بخلاف الصوم واجب مستمر أبدًا، لنا لا يزيد على صم غدًا ثم ينسخ قبله، قالوا: متناقض، قلنا لا منافاة بين إيجاب صوم غد وانقطاع التكليف قبله كالموت).

أقول: الحكم المقيد بالتأبيد إن كان التأبيد قيدًا فى الفعل مثل أن يقول: صوموا أبدًا، فالجمهور على جواز نسخه، وإن كان التأبيد قيدًا للوجوب، وبيانًا لمدة بقاء الوجوب، واستمراره، فإن كان نصًا مثل أن يقول: الصوم واجب مستمر أبدًا لم يقبل خلافه وإلا قبل وحمل ذلك على مجازه، لنا أنه لا يزيد فى دلالته على جزئيات الزمان على دلالة قوله: صم غدًا على صوم غد، وقد قدمنا أن ذلك قابل للنسخ، وإذا جاز ذلك مع قوة النصوصية فيما تناوله فهذا مع ظهوره واحتمال أن لا يتناوله أولى بالجواز.

قالوا: التأبيد معناه أنه دائم، والنسخ ينفى الدوام ويفطعه فكان متناقضًا فلم يجز على اللَّه.

الجواب: لا نسلم التناقض إذ لا منافاة بين إيجاب فعل مقيد بالأبد وعدم أبدية التكليف به، وذلك كما لا منافاة بين إيجاب صوم مقيد بزمان وأن لا يوجد الوجوب فى ذلك الزمان، كما يقال: صم غدًا ثم ينسخ قبله، وذلك كما يتعلق التكليف بالصوم فى غد ثم يموت قبل غد فلا يوجد فى غدٍ تكليف.

الواجب.

قوله: (وإلا قبل) أى وإن لم يكن نصًا بل ظاهرًا مثل الصوم واجب فى الأيام والأزمان ونحو ذلك قبل النسخ الذى هو خلاف التأبيد وحمل ظاهر التأبيد على المجاز على التخصيص ونحوه.

قوله: (لنا) احتجاج على جواز نسخ ما يكون التأبيد قيدًا للفعل وحاصله أنه إذا جاز نسخ التكليف بالفعل المقيد بالأزمنة المخصوصة بطريق التنصيص عليها فبطريق الظهور واحتمال عدم التناول أولى وكان الشارح العلامة لم يتنبه لما أشار إليه المحقق من الفرق بين قيد الوجوب والوجوب فزعم أن مثل: صوموا أبدًا يدل على ثبوت الحكم فى جميع الأزمان لعمومه وليس تنصيصًا على كل وقت بعينه إذ قد يطلق للمبالغة مثل لازم فلانًا أبدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>