قال:(مسألة: الجمهور جواز النسخ بأثقل، لنا ما تقدَّم وبأنه نسخ التخيير فى الصوم والفدية وصوم عاشوراء برمضان والحبس فى البيوت بالحد، قالوا: أبعد فى المصلحة، قلنا يلزمكن فى ابتداء التكليف وأيضًا فقد يكون علم الأصلح فى الأثقل كما يسقمهم بعد الصحة ويضعفهم بعد القوة، قالوا:{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ}[النساء: ٢٨]، {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥]، قلنا إن سلم عموم فسياقها للمآل فى تخفيف الحساب وتكثير الثواب، أو تسميته للشئ بعاقبته مثل: لدوا للموت وابنوا للخراب، وإن سلم الفور فمخصوص بما ذكرناه كما خصت فقال التكاليف والابتلاء باتفاق، قالوا:{نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة: ١٠٦]، والأشق ليس بخير للمكلف، وأجيب بأنه خير باعتبار الثواب).
أقول: يجوز نسخ التكليف بتكليف أخف، أو مساوٍ اتفاقًا، وهل يجوز بتكليف أثقل منه، الجمهور على جوازه ومنعه قوم، لنا ما تقدَّم أنه إن لم تعتبر المصلحة فواضح وإن اعتبر فلعل المصلحة فى الأثقل، أيضًا لو لم يجز لم يقع وقد وقع منه التخيير بين الصوم والفدية كان هو الواجب أولًا فنسخ بتعيين الصوم، ولا شك أن إلزام أحد الأمرين بعينه أشق من التخيير بينهما، ومنه: أن صوم عاشوراء كان هو الواجب، فنسخ بصوم رمضان، وصوم شهر أشق من صوم عشرة أيام، ومنه أن الحبس فى البيوت كان هو الواجب على الزانى فنسخ بالحد من الجلد والرجم، وأنه أثقل.
قالوا: أولًا: نقلهم إلى الأشق الأثقل أبعد من المصلحة فلا يجوز.
الجواب: أولًا النقض فإنه يلزمكم فى أصل التكليف فإنه نقل من البراءة الأصلية إلى ما هو أثقل فينبغى أن لا يجوز وأنه جائز اتفاقًا. وثانيًا لا نسلم أنه أبعد من المصلحة وربما علم اللَّه أن المصلحة فى الأثقل بعد الأخف أكثر، كما ينقلهم من الصحة إلى السقم، ومن القوة إلى الضعف، ومن الشباب إلى الهرم، هذا بعد تسليم رعاية المصلحة وأنها ممنوعة وإنما لم يتعرض له لأنه قد علم.
قالوا: ثانيًا: قال اللَّه تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ}[النساء: ٢٨]، {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥]، والنقل إلى الأثقل بخلاف ذلك فلا يريده.
الجواب: أولًا أنا لا نسلم عموم التخفيف واليسر والعسر فى الآيتين بل هى