قال: (ويتعين الناسخ بعلم تأخره أو بقوله عليه السلام، هذا ناسخ أو ما فى معناه مثل:"كنت نهيتكم. . " أو بالإجماع، ولا يثبت بتعيين الصحابى إذ قد يكون عن اجتهاد وفى تعيين أحد المتواترين نظر ولا يثبت بقبليته فى الصحف ولا بحداثة الصحابى، ولا بتأخر إسلامه ولا بموافقة الأصل، وإذا لم يعلم ذلك فالوجه الوقوف لا التخيير).
أقول: لتعيين الناسخ ومعرفته من المنسوخ ومما ليس بناسخ ولا منسوخ طرق صحيحة، وطرق فاسدة:
القسم الأول: الطرق الصحيحة، فمنها: أن يعلم تأخره بضبط التاريخ مثل أن يعلم أن هذه نزلت فى غزوة كذا وتلك فى غزوة كذا، وهذه فى خامسة الهجرة وتلك فى سادستها.
ومنها: أن يقول عليه السلام: هذا ناسخ، وهذا منسوخ، إما صريحًا، وإما بأن يذكر ما هو بمعناه، نحو:"كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها. . "، "كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحى، ألا فادخروها"، وأمثالهما.
ومنها: الإجماع على أنه ناسخ.
القسم الثانى: الطرق الفاسدة، فمنها: قول الصحابى هذا ناسخ فإن تعيينه قد يكون عن اجتهاده، ولا يجب اتباع المجتهد له فيه، نعم إذا تعارض متواتران فعين أحدهما فقال: هذا ناسخ لذلك هل يسمع؟ فيه نظر من حيث إنه نسخ للمتواتر بالآحاد، أو بالمتواتر والآحاد دليل كونه ناسخًا، وما لا يقبل ابتداء فقد يقبل إذا كان المآل إليه كما يقبل الشاهدان فى الإحصان، وإن ترتب عليه الرجم، دون الرجم، وشهادة النساء فى الولادة، وإن ترتب عليه النسب دون النسب، فجاء التجويز العقلى ولا دليل على أحد الطرفين فيتوقف.
ومنها: قبليته فى المصحف فيشعر بقبليته فى النزول وإنما لم تدل لأنها لم تترتب بترتيب النزول.
ومنها: حداثة من الصحابى لأنه متأخر الصحبة فيدل على تأخر ما نقله لأن منقول متأخر الصحبة قد يكون متقدمًا، وبالعكس، اللهم إلا أن تنقطع صحبة الأول، قبل صحبة الثانى، فيرجع إلى ما علم بقدم تاريخه.