قال:(مسألة: الجمهور على أن الإجماع لا ينسخ، لنا لو نسخ بنص قاطع أو بإجماع قاطع، كان الأول خطأ وهو باطل، ولو نسخ بغيرهما فأبعد، للعلم بتقديم القاطع. قالوا: لو أجمعت الأمة على قولين فإجماع على أنها اجتهادية، فلو اتفق على أحدهما كان نسخًا قلنا لا نسخ بعد تسليم جوازه وقد تقدمت).
أقول: قد اختلف فى جواز نسخ الإجماع، وهو رفع الحكم الثابت به، والجمهور على عدم جوازه، لنا لو نسخ فإما بنص قاطع أو بإجماع قاطع أو بغيرهما وكلاهما باطل، أما الأول، فلأنه يلزم أن يكون الإجماع على الخطأ لأنه على خلاف القاطع، وهو محال، وأما الثانى فلأنه أبعد من الأول؛ للإجماع على تقديم القاطع على غيره، فيلزم خطأ ذلك الإجماع كما فى الأول مع تقديم الأضعف على الأقوى، وهو خلاف المعقول.
قالوا: لو اختلفت الأمة على قولين فهو إجماع على أن المسألة اجتهادية يجوز الأخذ بكليهما ثم يجوز إجماعهم على أحد القولين كما مر فإذا أجمعوا بطل الجواز الذى هو مقتضى ذلك الإجماع وهو معنى النسخ.
الجواب: لا نسلم جواز ذلك فإنه مختلف فيه، ولو سلم فلا يكون نسخًا، لما تقدَّم أن الإجماع الأول مشروط بعدم الإجماع الثانى.
باطل لاستلزام الأول كون الإجماع المنسوخ على خلاف القاطع أما إذا كان نصًا فلتقدمه قطعًا وأما إذا كان إجماعًا فلأن سنده متقدم قطعًا واعترض بجواز أن يكون السند ظنيًا ولا يبعد أن المحقق عدل عن لفظ الأول فى المتن إلى لفظ الإجماع تنبيهًا على أن اللازم هو خطأ أحد الإجماعين المنسوخ أو الناسخ.
قوله:(ذلك الإجماع) الأولى: هذا الإجماع لكونه إشارة إلى الإجماع على تقديم القاطع.
قوله:(كما فى الأول) أى كما لزم فى الأول وهو نسخ الإجماع بالقاطع خطأ الإجماع.
قوله:(مع تقديم) يعنى لزم فى الثانى محذور آخر هو تقديم الأضعف الذى هو الناسخ الظنى على الأقوى الذى هو الإجماع المنسوخ أو الإجماع على تقديم القاطع، والأول هو الوجه ومبنى ذلك على أن الإجماع المتعارف الذى يتناوله