قال:(مسألة: المختار إذا نسخ حكم أصل القياس لا يبقى معه حكم الفرع لنا خرجت العلة عن الاعتبار فلا فرع، قالوا: الفرع تابع للدلالة لا للحكم كالفحوى، قلنا يلزم من زوال الحكم زوال الحكمة المعتبرة فيزول الحكم مطلقًا لانتفاء الحكمة، قالوا: حكمتم بالقياس على انتفاء الحكم بغير علة، قلنا حكمنا بانتفاء الحكم لانتفاء علته).
أقول: إذا نسخ حكم أصل القياس هل يبقى معه حكم الفرع؟ المختار أنه لا يبقى، وقيل يبقى وإذا قلنا: لا يبقى ففى تسميته نسخًا لحكم الفرع نزاع لفظى لنا أنه يستلزم خروج علة الأصل عن كونها معتبرة شرعًا حيث علم إلغاؤها بعدم ترتيب الحكم عليها فى الأصل، والفرع إنما يثبت بالعلة فإذا انتفت العلة انتفى الفرع، وإلا لزم ثبوت الحكم بلا دليل.
قالوا: أولًا: الفرع تابع للدلالة لا لحكم الأصل فلا يلزم من انتفاء الحكم انتفاء الدلالة ولم يحدث شئ إلا انتفاء الحكم والدلالة الثابتة باقية فيبقى حكم الفرع وهو بعينه الذى صرتم إليه فى جواز نسخ الأصل دون الفحوى.
الجواب: لا نسلم أنه لم يحدث شئ إلا انتفاء الحكم بل ثبت انتفاء الحكمة المعتبرة شرعًا وهو ملزوم لانتفاء الحكم لاستحالة بقائه بغير حكمة معتبرة فينتفى الحكم ولا كذلك فى المفهوم إذ لا يلزم من انتفاء الحكمة المحرمة للتأفيف انتفاء الحكمة المحرمة للضرب؛ إذ لا يلزم من ارتفاع الأقوى ارتفاع الأضعف.
قالوا: ثانيًا: هذا حكم يرفع حكم الفرع قياسًا من غير علة جامعة بينهما موجبة للرفع والقياس بلا جامع فاسد.
الجواب: هذا ليس حكمًا بالقياس بل بانتفاء الحكم لانتفاء علته، وذلك نوع آخر من الاستدلال لا يحتاج إلى أصل وفرع وعلة، نعم علمنا عدم اعتبار العلة ببطلان حكم الأصل لا أنا قسنا الفرع فى عدم الحكم بالأصل بجامع عدم العلة.
قوله:(لاستحالة بقائه) يعنى أن العلة ليست مجرد أمارة أو حكمة باعثة على مجرد شرعية الحكم حتى يعتبر ابتداء لا بقاء بل هى حكمة باعثة معتبرة فى ثبوت الحكم وبقائه فينتفى الحكم بانتفائها ضرورة.
قوله:(إذ لا يلزم من ارتفاع الأقوى) كالحكمة المحرمة للتأفيف، ارتفاع