قال:(مسألة: المختار جواز نسخ وجوب معرفته وتحريم الكفر وغيره خلافًا للمعتزلة وهى فرع التحسين والتقبيح، والمختار جواز نسخ جميع التكاليف خلافًا للغزالى لنا أحكام كغيرها، قالوا: لا ينفك عن وجوب معرفة النسخ والناسخ، وأجيب بأنه يعلمهما وينقطع التكليف بهما وبغيرهما واللَّه أعلم).
أقول: اتفقوا على جواز رفع جميع التكاليف بإعدام العقل وعلى امتناع النهى عن معرفته إلا على تجويز تكليف المحال، لأن العلم بنهيه يستدعى معرفته واختلف فى جواز نسخ وجوب المعرفة وتحريم الكفر وغيره من الظلم والكذب، والمختار جوازه وخالف فيه المعتزلة والمسألة فرع الحسن والقبح العقليين، إذ لو ثبتا لم يتغيرا وقد أبطلناهما، لنا أنها أحكام فجاز نسخها كغيرها من الأحكام، قالوا: إذا نسخت التكاليف المتقدمة فإنما يمكن معرفته بمعرفة النسخ والناسخ فتجب معرفته، وهذا تكليف فيلزم خلاف الفروض.
الجواب: لا يمتنع معرفته بنسخ جميع التكاليف وبالناسخ فليفرض وحينئذٍ يرتفع التكليف بهما لانقطاعه بعد الفعل اتفاقًا، وقد ارتفع التكليف بغيرهما فلا يبقى تكليف أصلًا.
قوله:(والمختار جوازه) أى جواز نسخ وجوب معرفة اللَّه تعالى وتحريم الكفر وغيره كل منهما إلى بدل أو لا إلى بدل لكن قد علم امتناع نسخ وجوب المعرفة إلى بدل مخصوص هو التحريم.
قوله:(إذ لو ثبتا) أى الحسن والقبيح العقليان لم يتغيرا أو لم يزولا فإن قيل فيلزم أن لا ينسخ وجوب ولا تحريم أصلًا لاستلزامهما الحسن والقبح العقليين قلنا يجوز أن لا يكونا ثابتين بل مختلفين باختلاف المصالح بخلاف حسن المعرفة وقبح الكفر فإنهما ذاتيان لا يزولان أصلًا.
قوله:(لنا أنها أحكام) يوهم أنه احتجاج على المختار من الخلافية الثانية أعنى نسخ جميع التكاليف وإن لم يتعرض لها الشارح وكأنه حاول جعله دليلًا على الأمرين جميعًا، أى وجوب المعرفة وتحريم الكفر ونحوه أحكام فيجوز نسخها كسائر الأحكام وأيضًا جميع التكاليف أحكام كغيرها الذى هو البعض المتفق على جواز نسخه فيجوز نسخها.