قال:(وأورد قياس الدلالة فإنه لا يذكر فيه علة وأجيب إما بأنه غير مراد وإما بأنه يتضمن المساواة فيها، وأورد قياس العكس، مثل لما وجب الصيام فى الاعتكاف بالنذر وجب بغير نذر عكسه الصلاة لما لم تجب فيه بالنذر لم تجب بغير نذر وأجيب بالأول أو بأن المقصود مساواة الاعتكاف بغير نذر فى اشتراط الصوم له بالنذر بمعنى لا فارق أو بالسبر وذكرت الصلاة لبيان الإلغاء أو قياس الصيام بالنذر على الصلاة بالنذر).
أقول: قد أورد على عكس الحد إشكالان:
الأول: أنه لا يتناول قياس الدلالة فإن شرطه أن لا يذكر فيه العلة لأنه قسيم قياس العلة، مثاله: فى المكره يأثم بالقتل فيجب عليه القصاص كالمكره فإن الإثم بالقتل ليس علة لوجوب القصاص، مثال آخر: فى المسروق عين يجب ردها قائمة، وإن قطع فيها فيجب ضمانها تالفة كالمغصوب فإن وجوب الرد ليس علة للضمان فى صورة المغصوب.
الجواب: أولًا: أنه غير مراد لنا ولا نعنى بلفظ القياس إذا أطلقناه إلا قياس العلة ولا نطلقه على قياس الدلالة إلا مقيدًا ولو أراده غيرنا باصطلاح آخر فلا يضرنا، وثانيًا: لا نسلم أنه لا مساواة فى العلة فإنه يتضمنها وإن لم يصرح بها فإن المساواة فى التأثيم دلت على قصد الشارع حفظ النفس بهما، وهو العلة والمساواة فى وجوب الرد دلت على قصده حفظ المال بهما، وهو العلة، ونحن قد أردنا بالمساواة أعم من الضمنية، والمصرح بها فيتناوله الحد.
الثانى: أنه لا يتناول قياس العكس فإنه يثبت فيه نقيض حكم الأصل بنقيض علته، مثاله: قول الحنفية: لما وجب الصيام فى الاعتكاف بالنذر وجب بغير النذر كالصلاة فإنها لا لم تجب فيه بالنذر لم تجب بغير النذر، فالحكم فى الأصل عدم الوجوب بغير نذر والعلة عدم وجوبه بالنذر المطلوب فى الفرع وجوبه بغير نذر والعلة وجوبه بالنذر.
الجواب: أولًا: بالأول من جوابى قياس الدلالة وهو أنه غير مراد، وثانيًا بأنه مساواة من وجهين:
أحدهما: أن المقصود مساواة الاعتكاف بغير نذر فى أن الصوم شرط فيه للاعتكاف بنذر الصوم وتقريره إما بإلغاء الفارق وهو النذر لأنه غير مؤثر كما فى