قال:(وقولهم بذل الجهد فى استخراج الحق، وقولهم الدليل الموصل إلى الحق، وقولهم العلم عن نظر مردود بالنص والإجماع، وبأن البذل حال القياس والعلم ثمرة القياس، أبو هاشم: حمل الشئ على غيره بإجراء حكمه عليه ويحتاج لجامع، وقول القاضى: حمل معلوم على معلوم فى إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من إثبات حكم أو صفة أو نفيهما حسن إلا أن حمل ثمرته وإثبات الحكم فيهما معًا ليس به بل هو فى الأصل بدليل غيره بجامع كاف وقولهم ثبوت حكم الفرع فرع القياس فتعريفه به دور وأجيب بأن الحدود القياس الذهنى وثبوت حكم الفرع الذهنى والخارجى ليس فرعًا له).
أقول: قد ذكر للقياس حدود مزيفة:
منها: قولهم: بذل الجهد فى استخراج الحق، وهو مردود ببذل الجهد فى استخراج الحق من النص والإجماع، لأن مقتضاهما قد لا يكون ظاهرًا فيحتاج إلى اجتهاد فى صيغ العموم والمفهوم والإيماء والإشارة، ورد المطلق إلى المقيد، وتصحيح السند، وغير ذلك، وأيضًا فإن البذل حال القائس وهو غير القياس فإنه الدليل المنصوب من جهة الشارع سواء نظر فيه القائس أم لا.
ومنها: قولهم: الدليل الوصل إلى الحق. وهو أيضًا مردود بالنص والإجماع.
ومنها: قولهم: العلم عن نظر. وهو مردود أيضًا بالعلم الحاصل عن النظر فى نص أو إجماع وأيضًا فالعلم ثمرة القياس لا هو فلا يصدق عليه، وقد جمع المصنِّفُ الثلاثة على الترتيب المذكور، ثم قال: إنها مردودة كلها بالنص والإجماع، والأول خاصة بان البذل حال القائس والثالث خاصة بأن العلم ثمرة القياس كما قررنا.
ومنها: ما ذكره أبو هاشم وهو أنه حمل الشئ على غيره بإجراء حكمه عليه، وهو منقوض بحمل لا بجامع، فإنه يصدق عليه الحد وليس بقياس إذ لا تتحقق حقيقته لا صحيحًا ولا فاسدًا، فيحتاج إلى قيد آخر يخرج ذلك وهو أن يقال بجامع محافظة على طرده.
ومنها: ما ذكره القاضى أبو بكر قال: هو حمل معلوم على معلوم فى إثبات حكم لهما، أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من: إثبات حكم أو صفة أو نفيهما، فقوله: معلوم على معلوم، يتناول جميع ما يجرى فيه القياس من موجود ومعدوم