قال: (وتنبيه وإيماء وهو الاقتران بحكم لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل كان بعيدًا مثل: "واقعت أهلى فى نهار رمضان"، فقال:"أعتق رقبة" كأنه قيل: (إذا واقعت فكفر) فإن حذف بعض الأوصاف فتنقيح، ومثل:"أينقص الرطب إذا جف؟ " قالوا: نعم. فقال:"فلا إذن").
أقول: وأما مراتب التنبيه والإيماء فضابطه كل اقتران بوصف لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدًا فيحمل على التعليل دفعًا للاستبعاد، مثال: كون العين للتعليل ما قال الأعرابى: هلكتُ وأهلكتُ، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ماذا صنعت؟ "، قال: واقعت أهلى فى نهار رمضان، فقال:"أعتق رقبة" فإنه يدل على أن الوقاع علة للإعتاق، وذلك لأن عرض الأعرابى واقعته عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- لبيان حكمها وذكر الحكم جواب له لتحصيل غرضه لئلا يلزم إخلاء السؤال عن الجواب، وتأخير البيان عن وقت الحاجة فيكون السؤال مقدرًا فى الجواب، كأنه قال:"واقعت فكَفِّر"، وقد عرفت أن ذلك للتعليل فكذا هذا لكنه دونه فى الظهور؛ لأن الفاء ههنا مقدرة وثمة محققة ولاحتمال عدم قصد الجواب كما يقول العبد: طلعت الشمس فيقول السيد: اسقنى ماء، كل ذلك وإن بعد فليس بممتنع، واعلم أن مثل ذلك إذا حذف عنه بعض الأوصاف وعلل بالباقى يسمى تنقيح المناط، مثاله فى قصة الأعرابى أن يقال: كونه أعرابيًا لا مدخل له فى العلة إذ الهندى والأعرابى حكمهما فى الشرع واحد وكذا كون المحل أهلًا فإن الزنا أجدر به أو يكتال كونه وقاعًا لا مدخل له فينفى كونه إفسادًا للصوم، مثال آخر لكون العين للتعليل: أنه سئل عن جواز بيع الرطب بالتمر، فقال:"أينقص الرطب إذا جف؟ " قالوا: نعم. فقال:"فلا إذن" فنبه أن النقصان علة منع البيع، وكونه مفهومًا من الفاء، وإذًا لا ينافى ذلك إذ لو قدرنا انتفاءهما لبقى فهم التعليل، ولعل ذكر هذا المثال لهذا الغرض وإلا فأوضح منه قوله لابن مسعود وقد توضأ بماء نبذت فيه تميرات لتجتذب ملوحته:"ثمرة طيبة وماء طهور" فنبه على تعليل الطهورية ببقاء اسم الماء عليه.
قوله:(كل اقتران) لما كان هذا ضابطًا لا تعريفًا أتى بلفظ كل ليكون كليًا وفسر الحكم بالوصف لأن المراد به العلة بقرينة قوله: لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل، قال الشارح العلامة: معناه اقتران نص الشارع كقوله: أعتق رقبة بحكم كقول