للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (ومثال النظير لما سألته الخثعمية أن أبى أدركته الوفاة وعليه فريضة الحج أينفعه إن حججت عنه؟ فقال: "أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته، أكان ينفعه؟ " فقالت: نعم (*). فنظيره فى المسئول كذلك وفيه تنبيه على الأصل والفرع والعلة، وقيل إن قوله عليه الصلاة والسلام لما سأله عمر عن قبلة الصائم: "أرأيت لو تمضمضت ثم مججته أكان ذلك مفسدًا؟ "، فقال: لا (**). من ذلك وقيل إنما هو نقض لما توهمه عمر من إفساد مقدمة الإفساد لا تعليل لمنع الإفساد إذ ليس فيه ما يتخيل مانعًا بل غايته أن لا يفسد).

أقول: مثال كون النظير للتعليل قوله عليه الصلاة والسلام وقد سألته الخثعمية: إن أبى أدركته الوفاة وعليه فريضة الحج فإن حججت عنه أينفعه ذلك؟ فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيتيه أكان ينفعه ذلك؟ " فقالت: نعم، قال: "فدين اللَّه أحق أن يقضى" سألته الخثعمية عن دين اللَّه فذكر نظيره وهو دين الآدمى فنبه على التعليل به أى كونه علة للنفع وإلا لزم العبث ففهم أن نظيره فى المسئول عنه وهو دين اللَّه كذلك علة لمثل ذلك الحكم وهو النفع، واعلم أن مثل هذا يسميه الأصوليون تنبيهًا على أصل القياس وفيه كما ترى تنبيه على أصل القياس وعلى علة الحكم فيه وعلى صحة إلحاق الفرع به.

مثال آخر لذلك مع خلاف فيه: روى أن عمر رضى اللَّه عنه سأل النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قبلة الصائم هل تفسد الصوم؟ فقال: "أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته أكان ذلك يفسد الصوم؟ " فقال: لا وقد اختلف فيه فقيل: إنه من ذلك القبيل، فنبه على أن عدم ترتب المقصود على المقدمة علة لعدم إعطائها حكم المقصود فذكر حكم المضمضة ونبه على علته ليثبت مثله فى المسئول عنه وهو القبلة وقيل: ليس من ذلك بل قد توهم عمر أن كل مقدمة للمفسدة فإنه مفسد فنقض -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه


(*) أخرجه ابن حبان (١٩/ ٣٠٢، ٣٠٣) (ح ٣٩٩٠)، والدارمى (٢/ ٦٢) (ح ١٨٣٦)، والبيهقى فى الكبرى (٤/ ٣٢٩) (ح ٨٤١٧)، وابن ماجه (٢/ ٩٧١) (ح ٢٩٠٩)، والربيع فى مسنده (١/ ١٥٩) (ح ٣٩٢)، وابن أبى شيبة فى مصنفه (٣/ ٣٨٠) (ح ١٥١٢٠).
(**) عزاه الحافظ ابن كثير لأبى داود والنسائى من حديث الليث بن سعد عن بكير بن عبد اللَّه عن عبد الملك بن سعيد عن جابر بن عبد اللَّه به، وقال النسائى هذا حديث منكر. انظر: تحفة الطالب (١/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>